السجن المحلي عين قادوس
بفاس فاس في 05 ماي 2013
المعتقل السياسي: مراد بوبكر
رقم الاعتقال: 83096
شهادة حول
التعذيب
مساء يوم الثلاثاء على الساعة 18h00 تقريبا بتاريخ 16/04/2013،
من داخل الساحة الجامعية ظهر المهراز، كان هناك تحرك غير عادي للطلبة والطالبات
وذلك إثر تواجد قمعي مكثف للتصدي لمعركة الجماهير الطلابية عقب مقاطعة الامتحانات
المشبوهة المتمثلة في الدورة الاستثنائية التي لا تخدم مصالح الجماهير نظرا لعدة
اعتبارات، وبصفتي كطالب كنت متواجدا من داخل الساحة، حيث ثم فجأة فرض الحصار وتطويق الجامعة، وصدر أمر عندما كنت
متواجدا قرب المصحة الجامعية بإخلاء الطريق من أجل مرور سيارات القمع
"الصطافيطات" قمنا بذلك لنكتشف في الأخير أنه كان مجرد فخ من أجل تجميع
الطلبة، فجأة وبدون سابق انذار، تم الهجوم المباغت، كنت آنذاك متوجها نحو المطعم
الجامعي، في تلك الأثناء لم يكن أي تصدي من طرف الطلبة، كان الهروب هو الحل الوحيد
والأنسب، لكن البحث عن مفر كان صعبا نظرا لوجود ترسانة قمعية هائلة، مما ادى إلى
القاء القبض على 17 طالب كنت أنا من بينهم.
أمرونا بالاستلقاء على الأرض، في تلك
اللحظة انهالوا علي بالضرب بمختلف أشكاله في أماكن عديدة من الجسم، بالإضافة إلى
التنكيل والشتم (احصلتي أولد القحـ.... إلخ)، بعدها مباشرة ثم نقلي ووضعي داخل
سيارة القمع "الصطافيط" مع باقي الطلبة بطريقة همجية تسيء لقيمة الانسان
بشكل عام، من خلال تكديس 17 طالب في مكان طاقته الاستيعابية أربعة أشخاص. مرة أخرى
وبنفس الطريقة انهال على اجسادنا الجلادون بالضرب المفرط خصوصا على مستوى الوجه
والرأس، مما أدى إلى اصابات جد بليغة خلفت لي جروح على مستوى الرأس والساقين، بعد
مرور نصف ساعة تقريبا من المعاناة وأنا داخل "الصطافيط"، صدر أمر
بالتوجه صوب ولاية القمع، لم نكن ندرك أي شيء عنها أو حتى مكان تواجدها، كنت آنذاك
فاقدا للوعي إلى الوصول إلى الولاية، حيث أيقظوني بصفعتين من جديد، ثم نقلوني مع
باقي الطلبة إلى الطابق الثاني، حيث يتواجد مكاتب التحقيق، بعدما أخذوا بطائقنا
التعريفية، ثم أدخلونا واحدا تلو الآخر ونحن مكبلي الأيدي، مرفوقين بصعقات
كهربائية وما أدراك منها بالإضافة إلى السب والشتم...، كان السؤال الأول موجه
لجميع الطلبة: "ما سبب مجيئكم إلى هنا؟ ماذا فعلتم؟ وأسئلة أخرى مستفزة كان
الهدف منها هو تحطيم النفسية والسيطرة على الفكر بطريقة غير مباشرة، وهذا في حد
ذاته نوع آخر من التعذيب، أشد قسوة من التعذيب الجسدي، حيث تم التحقيق مع كل واحد
منا بطريقة فردية للتوصل إلى المذنب كما يَدَّعُون، بعدها أعادونا إلى نفس المكتب
حيث ثم التقاط صورنا وأخد البصمات، مضت حوالي ساعتان من التوتر والمعاناة لنتفاجئ
في الأخير بالمناداة على أربعة أسماء، كنت أنا من بينهم. أما الطلبة المتبقون فتم
إطلاق سراحهم بعد تعذيبهم وضربهم، لنكتشف بعد ذلك أن مصيرنا هو مصير الطلبة
والمناضلين الذين كانوا من قبلنا، ألا وهو الزنزانة المتواجدة في الطابق السفلي من
ولاية "لاكاب"، بالفعل ذلك ما حصل، ثم تكبيل أيدي كل واحد منا وإحالتنا
على مقر الزنزانة، عند دخولنا أمرونا بوضع أشرطة الأحدية والحزام جانبا، وجردونا
من كل ما لدينا (هواتف، كتب،... إلخ)، ثم نادونا واحدا تلو الآخر ليقوموا بتفريقنا
على الزنازن، فوضعوني مع طالبين وأربعة أشخاص آخرين، كانت الساعة آن ذاك تشير إلى
حوالي العاشرة ليلا، وجدت نفسي حينها منهكا ومتعبا من جراء الضرب والاعتداء الذي
تعرضت له طول الفترة، لم أستطع النوم طوال الليل نظرا للجرح والآلام وكذلك من شدة
البرد والجوع، ومخافة من التعرض للضرب أثناء الليل، في الصباح ثم مناداتنا من طرف
بيدق القمع الذي يراقب السجناء ليل نهار للالتحاق بباقي المعتقلين، في حين تم
احالتنا من جديد على مكاتب التحقيق من أجل استكمال الاستنطاق، لكن هذه المرة كانت
معاملة مغايرة للأولى من طرف المحققين، هي اللباقة وحسن الكلام والمعاملة الجيدة،
بغية تسهيل مهامهم والخوض فيها، لكن ذلك لم يتأتى لهم، وهذا ما جعل المحضر ينقلب
ضدنا بأفعال وجرائم لسنا مسؤولين عليها ولا دراية لنا بها، لم نكتشف هذا آن ذاك
بسبب الوعود الكاذبة التي سمعناها (مغاديش تمشيو للحبس، غدي تمشيم فحالكم، لكن
متعاودوش ديرو هاد شي...)، لما انتهوا من التحقيق أعادونا من جديد إلى الزنزانة
لنمضي ليلة أخرى من المعاناة والعذاب إلى حدود الصباح، على الساعة التاسعة ثم نقلي
مباشرة إلى مقر المحكمة الابتدائية مع باقي الطلبة بالإضافة إلى بعض معتقلي الحق
العام مكبلي الأيدي عند وصولنا أدخلونا إلى الطابق السفلي للمحكمة
"لاكاب"، لنصطدم بواقع آخر، كم هائل من السجناء كل واحد وتهمته، ظالم
ومظلوم، وسط مكان كريه الرائحة، لا يقبله حتى الحيوان.
مرة حوالي ساعتان قبل أن تتم
المناداة علي، في تلك الأثناء تم احالتي على الوكيل لأمضي على أقوالي، بعدها
مباشرة تم نقلي إلى غرفة المحاكمة، حيث لم يكن هناك أي جدل في قضيتي، رغم مطالبة
الدفاع (المحامي) بالسراح المؤقت، تم رفض هذا الأخير وتأجيل المحاكمة إلى المداولة،
ومن جديد تم تكبيلي وإعادتي إلى الزنزانة لكن هذه المرة زنزانة من نوع آخر، ألا
وهو سجن عين قادوس سيء الذكر.
"وفي الأخير نحيي الجماهير
الطلابية على صمودها وعزمها على معركتها النضالية العادلة والمشروعة، ونناشدها
بالاستمرار على دربها حتى النصر"
"لا سلام
لا استسلام .. معركة إلى الامام"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق