في 26 مارس 2014
الاتحاد الوطني لطلبة المغرب
النهج الديمقراطي القاعدي
أرضية الندوة
لقد كان المسار الثوري، الذي انطلق مع الثورتين التونسية
والمصرية، حافلا بالتضحيات والعطاءات النضالية غير المسبوقة والدروس التاريخية
الغنية، بما هو مسار يجسد الاستمرارية لتاريخ عريق من الصراع الطبقي بين معسكرين؛
الأول، معسكر الرأسمال والقمع والإذلال والاضطهاد والاستغلال، تمثله الامبريالية والصهيونية
والرجعية؛ والثاني، معسكر ينشد الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية
والاشتراكية ويطمح إلى إقبار الاستغلال والاضطهاد الطبقيين إلى الأبد، تمثله
الشعوب المضطهدة بقيادة الطبقة العاملة، حاملة المشروع المجتمعي البديل.
هذا المسار المتواصل إلى حد الآن، بأشكال عدة، ويعرف
منعطفات هامة، راكم رصيدا هاما من التجارب والدروس والعبر يعد استخلاصها واستلهامها
مهمة أساسية لكل المناضلين الذين ينشدون المشروع البديل، المشروع الاشتراكي. فقد أثبت المسار
الحقيقة الثورية، كون الشعوب هي صانعة التاريخ، وأبان عن قوتها وأهميتها في
الصراع، وقدرتها على هزم ودحر أنظمة دكتاتورية تمتلك إمكانات مادية خيالية
وإمكانات لوجيستيكية وعسكرية وإعلامية كبيرة، وأثبت بالمقابل تداخل مصالح
الامبريالية والصهيونية والأنظمة الرجعية العميلة والقوى الظلامية، وعدائهم لشعوب
العالم. تجلى ذلك في تدخلهم السافر لإجهاض ثورات الشعوب وتحريف مسارها والركوب
عليها واغتيال طموحاتها العادلة في الخلاص (تونس، مصر، سوريا، ليبيا...) كما أثبت
عجز وإفلاس المشاريع البرجوازية الصغيرة المتمثلة في طروحات الإصلاح، على مواكبة بطولات الشعوب المقهورة
والسير معها حتى النهاية نحو خلاصها. والمستخلص من ذلك هو أن كل مشروع ينشد
التغيير الحقيقي ويعكس المصالح الحقيقية وطموحات وتطلعات الشعوب، لابد أن يكون
مشروعا يصبو في أبعاده وأهدافه إلى مقاومة الرجعية والصهيونية والامبريالية
والقضاء عليها بكل علاقاتها وأشكال وجودها. وهذا المشروع لن يكون غير المشروع
الاشتراكي الذي أبانت التجارب الحالية عن ضعف أصحابه ووجودهم الهامشي وغير المؤثر،
مما ترك المجال مفتوحا أمام أعداء الشعوب لتعميق جراحها وصناعة مشاهد سياسية لم
تفعل شيئا غير أن أعادت نفس الاوضاع القائمة.
والمغرب جزء لا
يتجزأ من السياق السالف، فعلى غرار ما فعلته خلال محطات تاريخية سابقة انتفاضات (...
58،59،65،81،84،90...) ومن خلال انتفاضة 20 فبراير وما تلاها، وحركة 20 فبراير
وتضحياتها، أكدت الجماهير الشعبية على أنها صاحبة الشرعية والسلطة التي لا تعلو
فوقها أية سلطة كيفما كانت، واستطاعت أن تسقط أقنعة "العهد الجديد"،
"الإنصاف والمصالحة"، "دولة الحق والقانون"، "المفهوم
الجديد للسلطة"، "الدستور الجديد"... وفندت بدمائها أطروحة "الاستثناء
المغربي"، وكشفت الوجه الحقيقي للنظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي، الذي
يتفانى في تعميق التبعية للامبريالية العالمية، وحول بلادنا إلى قاعدة عسكرية
امبريالية لضرب حركات تحرر الشعوب وإحكام السيطرة عليها، ويواصل تمتين العلاقات مع
الكيان الصهيوني عبر استكمال مسلسل التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية، قضيتنا
الوطنية، كما ربط مصير بلادنا، بعجلة الرأسمال العالمي المتوحش، في شخص مؤسساته
المالية (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي...)، بامتثاله التام لإملاءاتها، عبر
التسريع من وتيرة الخوصصة والإجهاز المنظم على المكتسبات التاريخية للشعب المغربي
في الشغل والصحة والتعليم والسكن... وتصعيده من مسلسل القمع والتنكيل والاغتيال
والاعتقال والاستنطاق والتعذيب، والمحاكمات الصورية في حق المعتقلين السياسيين.
وهذا ما خلف نهوضا ملحوظا للجماهير الشعبية عبر معارك بطولية ضارية بمجموع ربوع
وطننا الجريح، وهذه تطورات هامة تصب في مصلحة حركة 20 فبراير كحركة تحررية للشعب
المغربي، شريطة تملك رؤية استراتيجية ومرحلية سليمة، لتأطير وتنظيم هاته النضالات
عبر تعميق الارتباط الجذري بالجماهير. ويبقى ذلك، أولا وأخيرا، التزاما وواجبا
نضاليين ومسؤولية تاريخية لليسار الثوري ببلادنا. ومن بين المهام المركزية في سبيل
ذلك، الإسهام الفعال في بلورة البديل الحقيقي، القائد الفعلي للجماهير الشعبية،
وعلى رأسها الطبقة العاملة في مسيرتها نحو الخلاص من الاستغلال والاضطهاد
الطبقيين. إذ أن تجربة "حركة 20 فبراير" وعلى غرار ما أثبتته التجربة
التاريخية للشعب المغربي، أبرزت أن المدخل الوحيد للإجابة على الأزمة هو التغيير
الجذري، وأسقطت أي وهم إصلاحي، وخرافة الاصلاح في ظل النظام العميل القائم، بقيادة
"الملكية" التي تمارس سلطتها المطلقة دون حسيب أو رقيب، وتمارس كل أنواع
الإجرام باسم الدين والمقدسات.... بمشاركة باقي العناصر والفئات المستفيدة من الأوضاع،
وتعبيراتها السياسية في شخص الأحزاب الرجعية، يساعدها في ذلك الأدوار التي تلعبها
القوى الإصلاحية والقيادات النقابية البيروقراطية عبر تسقيف نضالات الشعب ولجمها،
والمناورة من أجل الفتات والامتيازات الأنانية ومحاربة ومحاصرة الخط الجذري. وهو
نفس الدور الذي لعبه ما سمي ب "مجالس دعم حركة 20 فبراير"، هذه الأخيرة
التي أثبت الواقع على أنها لم تكن سوى آلية لاحتواء الحركة وإفراغها من مضمونها
الطبقي والتحرري.
واستلهاما للدروس
السالفة، واستحضارا لما تضمنه بيان النهج الديمقراطي القاعدي ل 11 مارس 2011، وندوة
13/14 ماي من نفس السنة، واستحضارا للإفرازات النوعية التي تشكلت في مسار انتفاضة
20 فبراير بما تنطوي عليه من آليات وأعمال ومبادرات جادة تصبو إلى تنظيم وتأطير
المقاومة الشعبية وفق الأفق الثوري السليم للمرحلة، أفق الثورة الوطنية
الديمقراطية الشعبية، يأتي تنظيم ندوة 28/29 مارس 2014 بجامعة ظهر المهراز -فاس-
تحت عنوان :"حركة 20 فبراير، واقعها وآفاقها، ومهام اليسار الجذري".
وعلى هذا الأساس ندعو كافة مناضلي ومناضلات حركة 20 فبراير وكل مناضلي ومناضلات الشعب
المغربي، وكل التيارات والحركات الجادة، وفروع الإطارات والنقابات الملتزمة بقضايا
الشعب، للحضور والتفاعل مع الأرضية المطروحة، وإغنائها من خلال النقاش الجدي
والبناء حول المهمات والمتطلبات النضالية، وتحمل مسؤولياتنا في دفع مسيرة الشعب
المغربي إلى الامام نحو تحرره وانعتاقه، بعيدا عن الأساليب اللامبدئية التي تعيق
تناول وتنفيذ المهام المنوطة بنا، ولنا الشرف كنهج ديمقراطي قاعدي، بأن نحتضن مثل
هكذا محطات نضالية انسجاما وتاريخنا ومبادئنا ومواقفنا، وانسجاما وتصورنا السياسي العام،
تصور الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية، وانسجاما ومرجعيتنا الإيديولوجية
الماركسية اللينينية.
ثورة، ثورة... حتى النصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق