سجن عين قادوس بفاس في 14 أبريل 2014
المعتقلون السياسيون الإثنا عشر
14 يوما من التعذيب و
الحصار
منذ يوم الجمعة 28 مارس 2014، ومباشرة بعد
لحظة اعتقالنا سنتعرض لأبشع أشكال القمع و التعذيب الجسدي و النفسي (انظر شواهد التعذيب)كل
هذا فقط لأننا أبناء الكداح و المقهورين من داخل هذا الوطن،نطالب بحقوقنا العادلة
و المشروعة.
ابتدأ مسلسل المعاناة و الجحيم من داخل ولاية
القمع، التي كانت مسرحا حيا لمأساة لم تنتهي إلى حدود كتابة هذا التقرير،عنوانها
البارز التعذيب و الحصار من داخل زنازن ولاية القمع التي استمرت لمدة تزيد عن 50
ساعة،التي ذقنا فيها أبشع مايمكن للمرئ تصوره من معاملة لاإنسانية،تعود بنا إلى
عهود الظلام و القرون الوسطى، إذ تم حرماننا من أبسط الشروط المادية لاستمرارنا
البيولوجي،كما نسجل حصول حالة اغتصاب من داخل ولاية القمع ليلة السبت 29 مارس 2014
لإحدى معتقلات الحق العام.
وتفشي الرشوة و المحسوبية و السرقة لممتلكات
المعتقلين،حتى المؤن التي أرسلها لنا الأهل و الطلبة ثم السطو عليها و إعادة بيعها
بأثمنة ضعف أثمنتها الحقيقية،حيث وصل ثمن الخبزة الواحدة خمسة دراهم،وعلبة السجائر
من نوع "ماركيز" 50 خمسون درهما، عصيري 15 درهما، نصف لتر من الحليب 10 دراهم،وقس
على ذلك...وحتى قنينة ماء الصنبور حجم لتر و نصف وصل ثمنها 5 دراهم،و الأغرب مافي
الأمر أن المراحيض يستفاد منها وفق أهواء حراس القمع (أنت و جهدك) و كذلك وفق
الحاجة التي سيتم قضائها.
يقول أحد الرفاق : "سألوني عن اسمي و
مهنتي،واسم أبي و أمي،لكن لحظة توقيعي المحضر تحت الضرب و الشتم ....بمحضر يحتوي
على ثمانين 80 صفحة".نعم هكذا يتم تلفيق التهم و فبركة المحاضر،من نسيج خيال
الجلاد،خيال ينبني على الحقد الدفين الذي يكنه العبيد لكل صوت حر،صوت يعبر عن
طبيعة التناقضات القائمة في المجتمع و عن المشروع المجتمعي البديل،هكذا تمت فبركة
محاضر لجميع المعتقلين السياسيين ،تحت وطئة عقيدة الجلاد و التعذيب وصولا إلى لغة
التهديد باغتصاب المعتقل السياسي و عائلته،ليقدم المعتقلون السياسيون بهكذا محاضر
أمام المحكمة الرجعية،التي كانت مجرد مسرحية ساخرة من استقلالية القضاء التي يتغنى
بها النظام.
لا
بأس من أن نعرج على تفاصيل وسرد مقتضب لأهم الملامح من داخل المحكمة الرجعية، التي
تذكرنا بالمشاهد التي نشاهدها في برامج وثائقية عن قبور الفراعنة داخل
الأهرامات،فقبوا المحكمة عبارة عن سرداب تحت الأرض يتكون من غرفة لا تتعدى مساحتها
6 أمتار مريعة و ممر عرضه متر واحد وطوله عشرة أمتار في نهايته مرحاضين يحملان
الاسم فقط في انعدام تام لأبسط شروط النظافة، يتكدس بهذه الغرفة و الممر كل
المعتقلين الذين سيقدمون للمحاكمة في نفس اليوم،يتواجد 100 معتقل للحق العام إضافة
إلى 31 معتقلا سياسيا، إنه عالم الرعب بكل المقاييس.يمكن لكل من دخله أن يصاب بمرض
نفسي يسمى "رهاب الأماكن الضيقة" و الاختناق.وظهور فطريات على الجلد
بالنسبة من يعانون من مرض حساسية الجلد، واقع مأساوي يلازمه قاموس لغوي يحوي آخر
الألفاظ في السب و الشتم مع مجموعة من المرادفات،نستحيي نحن المعتقلين السياسيين
من ذكرها.
بعد أزيد من ثلاث ساعات في تلك الظروف التي
أعطينا عليها نظرة عامة عنها من داخل المحكمة الرجعية،حان وقت تقديمنا أمام وكيل
الديكتاتور،ليعتمد على ما تم إعلاءه من طرف عبيد سيده في تلك المحاضر
المفبركة،ليقرر إيداعنا بسجن النظام الرجعي عين قادوس و ما أدراك ما عين قادوس اسم
على مسمى.
الليلة الآولى داخل زنازن القهر و
الحرمان،ليلة ملئها الجحيم، تم توزيعنا على ثلاث مجموعات،كل مجموعة أرسلت إلى غرفة
(الغرف 1و4و6 بحي التوبة). الغرفة 1 يتواجد بها 29 معتقل الحق العام إضافة لأربعة
معتقلين سياسيين،أبعادها خمسة أمتار عرضا و 7 أمتار طولا،سيتساءل كثيرون أنها
مساحة كافية سيحصل فيها كل معتقل على أكثر من متر مربع؟أين الاكتظاظ ؟ دعونا
نتعرف على هؤلاء المعتقلين، انهم كالتالي أصحاب شركات،وكيل عام للهجرة بهولاندا و
معتقلين فرنسيين،أما الجو داخل الزنزانة/الغرفة هواتف نقالة لدى أغلب
المعتقلين،مخدر الشيرة،الكوكايين،الهروين،حبوب الهلوسة (القرقوبي) و أشياء أخرى
مما يسمونها ممنوعات داخل السجن.
أما الغرفة 4 يتكدس بها 71 معتقلا للحق العام
و ثلاث معتقلين سياسيين،حيث يبلغ طولها 10 عشرة أمتار و عرضها 5 خمسة أمتار،كما
رصد حوالي خمسة هواتف نقالة، أصحابها يتكلمون بها بكل أريحية (بالعلالي) و أمام
مرأى و مسمع الحراس و باقي السجناء،وكما الغرفة 1 جميع أنواع المخدرات، معاملة
تميزية تعتمد مبدأ من يدفع أكثر سيستفيد أكثر...إلخ، و كذلك بالنسبة للغرفة 6 التي
لها نفس مساحة الغرفة 4 يصل عدد المعتقلين بها 74 معتقلا للحق العام و 4 معتقلا
سياسيين، كل ما يروج بالغرف الأخرى يروج بالغرفة 6، وهكذا هي الحال بالنسبة لجميع
غرف حي التوبة و باقي الأحياء.
في الليلة الأولى نمنا نحن المعتقلين
السياسيون في أماكن لا يتعدى طولها 1,5 متر و عرضها 25 سنتمتر بين معتقلين مرضى
بشتى أنواع الأمراض المعدية من "الجربة"،"السل"،الكزيمة"
إلى أمراض أخرى لم نتعرف على أسماءها كلها أمراض كنتيجة حتمية لانعدام النظافة و
غياب أبسط الشروط الصحية،كما انتشار "البق" و "الباعوظ"
وحشرات أخرى لا توجد إلا بالغابات الاستوائية،حصلنا على خبزة و بيضة واحدة لكل
معتقل سياسي كوجبة ليوم بكامله،فاحتار المعتقلون السياسيون في تسمية تلك الوجبة.
صبيحة يوم الاثنين 31 مارس 2014 على الساعة
الحادية عشرة صباحا سنعود مجددا للمحكمة الرجعية للمثول أمام قضاء مستقل عن مفهوم
العدالة و النزاهة،قضاء يتحرك باتصالات هاتفية،ليتقرر تأجيل الجلسة إلى غاية يوم
الاثنين 7 أبريل 2014، و الاحتفاظ بنا رهن الاعتقال السياسي،ولنا عودة مجددة لعين
قادوس،لنقرر عدم الالتحاق بالغرق التي وزعنا عليها من قبل،ونطالب بتجميعنا و عزلنا
عن معتقلي الحق العام،وهو ما تحقق حوالي الساعة التاسعة من ليلة الاثنين 31 مارس
2014. ثلاث وجبات تقدم يوميا لكل معقتل، يقال أنها تمر تحت مراقبة طبيب مختص في التغذية،لنرى
هل فعلا تستجيب هذه الوجبات لشروط التغذية السليمة و المتوازنة و ما يتطلبه الجسد
يوميا من سعرات حرارية،فيتامينات،بروتينات و معادن...وجبة الفطور (خبزة+قطعة جبن
أو 20 من المربى مدون على غلافها المكونات التالية "ليمون 45 %- سكر –ملح ليمون –بكتين
–التركيز 65 % + كأس من الشاي أو قهوة مطهو في طنجرة حجمها 40 لتر)
وجبة
الغداء : (خبزة واحدة+حوالي 200 غرام من الصوبة) وجبة العشاء : (خبزة واحدة +بيضة
واحدة + صوبة)،لنترك الإجابة لأصحاب الاختصاص في التغذية، ونتحدى إدارة السجن أن
تخرج قائمة الوجبات المقدمة على الأوراق ومدى مطابقتها للواقع، هذه هي نوعية
التغذية التي نحصل عليها نحن المعتقلون السياسيون كباقي معتقلي الحق العام، لكن
نسجل استثناءات حصول عناصر بعينها على امتيازات في التغذية (خضر و لحوم
طازجة،فواكه متعددة...)إما عن طريق دفع رشاوي أو نظرا لانتمائهم لتيارات إرهابية
متطرفة. ناهيك عن الصفقات التي تمر تحت الطاولة وفوقها فيما يخص الخبز و الجبن و
المربى، جميع أنواع الخضر و الفواكه،لحوم حمراء و بيضاء،تدون فقط على فاتورة الدفع
في علاقة غير واضحة بين إدارة السجن و الممون.أين تذهب تلك الميزانية المخصصة
للنزلاء و المقتطعة من جيوب دافعي الضرائب المباشرة و الغير المباشرة؟ من يستفيد
منها؟ وما نصيب كل واحد على حدى ؟ أين هي تقارير "المجلس الأعلى
للحسابات" و هل فعلا أن هذه التقارير تعكس الحقائق الصادمة التي نعيشها بشكل
يومي.
متاجرة في المخدرات و الهواتف النقالة، أماكن
النوم و ما لا يخطر على باله أثمنة الخدمات و المواد المعروضة داخل
"عين قادوس" لا تجدها إلا في الواجهات الكبرى و المحلات التجارية
الفخمة،حيث يصل ثمن مخدر الشيرا إلى 5000 خمسة آلاف درهما للمائة غرام،3 أوراق
تلفيف بعشرة دراهم أو 6 أوراق مقابل علبة سجائر من نوع ماركيز،هاتف نقال من نوع
"" أو "" ثمنه الحقيقي 250 درهما يباع من داخل "عين
قادوس" ب 900 درهم أما الحديث عن أماكن النوم فتختلف باختلاف مساحتها ومكان
تواجدها و تتراوح أثمنتها مابين 300 درهما إلى حوالي 5000 درهم مع أداء مابين 100
إلى 500 درهم شهريا كإتاوة تدفع لسجين يسمى "شاف شمبر" مرسم من طرف موظف
بمهمة الشاف كارتيي/المسؤول عن الحي "في تواطؤ مكشوف مابين مافيات منظمة من
داخل السجن و موظفين من رتبة حارس إلى أعلى رتبة أي المدير.فيما من لا حول له و لا
قوة يعامل معاملة شبيهة بمعاملة "الأسياد" للرقيق في مرحلة سيادة علاقات
الانتاج العبودية، هذه هي حالة حقوق الإنسان التي يتغنى بها النظام و قنواته
الرسمية، هكذا يعامل الانسان في زمن "العولمة" و "العهد
الجديد" و "الدستور الجديد"...
السجن يعج بالمرضى العقليين،و يستفيد من
المصحة المخصصة للأشخاص المرضى أشخاص لا يعانون من أي مرض، فيما مرضى يستحقون الاستفادة
من المصحة محرمون من حقهم (حالة مصاب بإعاقة و كسر على مستوى رجله اليمنى بالغرفة
6) لأن ثمن السرير بالمصحة يصل إلى 5000 درهم كدفعة أولى و 1000 درهم شهريا تدفع
عن طريق القنوات التي وضحناها سابقا،صفقات أدوية بأسماء وهمية وأخرى لا تعاني من
أي مرض تقدر أسبوعيا بآلاف الدراهم، و مجددا من المسؤول أو بالأحرى من المستفيد من
هذه الصفقات. لابد من الإشارة أن الطاقة الإستعابية لعين قادوس لا تتعدى 600 نزيل
فيما نجد الآن عدد النزلاء يصل إلى حوالي 2000 نزيل.
بهكذا أساليب تتم محاصرة المعتقلين السياسيين
ومضايقتهم و شد الخناق عليهم،من أجل ترهيبهم و ثنيهم عن المسار الذي اختاروه بمحض
إرادتهم، و يستمر الحال على هذا المنوال إلى غاية يوم السبت 5 أبريل 2014 على
الساعة الرابعة بعد الزوال لندخل نحن المعتقلون السياسيون في خطوة انذارية تتمثل
في إضراب عن الطعام لمدة 48 ساعة،ليتم تسجيل فقدان 43 كيلوغراما بالنسبة لجميع المعتقلين
السياسيين طيلة 48 ساعة،بما معدله 3,5 كيلوغراما لكل معتقل سياسي، كما تم تسجيل
حالات انخفاض الضغط الدموي بالنسبة لثلاث معتقلين سياسيين،حيث تم تقديمنا في اليوم
الثاني من الإضراب عن الطعام أما محكمة النظام الرجعي، ليرفض لنا السراح المؤقت و
تأجيل "المحاكمة" إلى غاية 14 أبريل 2014،ليزج بنا مجددا داخل الزنزانة
9 بحي التوبة.
إن ما نعيشه نحن المعتقلين السياسيون من حصار
و خناق يوميين لا يختلف عن ما يعيشه أسرى الشعب الفلسطيني في سجون الكيان
الصهيوني، انعدام تام للحرية بجميع مستوياتها حتى الحرية الفكرية،يتم منعنا من
قراءة الكتب الماركسية و المجلات و الجرائد و المقالات المتعلقة بالسياسة و الواقع
الاجتماعي للشعب المغربي، يتم حرماننا منها في محاولة بائسة من أجل طمس هويتنا
السياسية و اختياراتنا الفكرية و النضالية إلى جانب مقهوري وطننا الجريح،ناهيك عن
الخطابات التيئسية التي يتم تصريفها عن طريق موظفين أو سجناء الحق العام،لتسريب
الإحباط لدى المعتقلين السياسيين. وبعد الوصول إلى الباب المسدود و اشتداد الحصار
و الخناق قررنا الدخول يوم الأربعاء 9 أبريل 2014 في اعتصام مع رفع الشعارات أمام
إدارة السجن من تحقيق مطالبنا العادلة و المشروعة كمعتقلين سياسيين، ليتعاطى معه –أي
الاعتصام- زبانية الموظفين/جلادين بشكل همجي حيث تعرض الرفاق إلى السب و الشتم من
طرف نائب رئيس المعقل،و التهديد و الوعيد من طرف المدير بإنجاز محاضر مفبركة بشكل
كاريكاتوري، ليقدم لنا بعد الصمود الذي أبداه المعتقلين السياسيون وعد بخصوص تحقيق
مطالبنا العادلة و المشروعة.
وبعد رفضنا لهذا الشكل من التعاطي القمعي
قرننا الاستمرار في الاعتصام لتحضر فرقة تتكون من أزيد من 40 جلادا أدخلونا عنوة
للزنزانة تحت وابل السب و القذف و الدفع ومحاولة ضرب أحد الرفاق من طرف "السي
أملاح" نائب رئيس المعقل الذي أصبحت رائحة فمه كريهة نظرا لتلك المصطلحات
التي تلفظ بها و يتقنها،صراحة أية تربية و إعادة إدماج سيقدمها هذا الجلاد و
أمثاله لضحايا المجتمع و العلاقات الاجتماعية السائدة في وطننا الجريح،ويبقى هذا
العمل النضالي مجرد تقرير أولي عن وضعية كارثية يعيشها سجن عين قادوس، و سنوافيكم
بتفاصيل عن حقائق صادمة في اللحظة المناسبة و بأدلة دامغة في تقارير مستقبلية.
و في الأخير نعلنها بأقصى صوتنا،و بملئ
إرادتنا،كما أعلنتها قبلنا عروس الشهداء سعيدة المنبهي : "نحن اليوم في السجن
لكي لا يكون السجن غدا"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق