في 19 يوليوز
المعتقلة السياسية :
سهيلة ا قريقع
يومان في
غرف " التحقيق" بولاية القمع فاس عانيت التعذيب و الإرهاب... وسفالات
حقيرة أخرى !
التاريخ: ليلة الخميس 8 ماي 2014،
المكان: ساحة الحي الجامعي الثاني ـ ظهر المهراز-
بالتاريخ و المكان أعلاه، كنت
رفقة صديقتي، حالتي الصحية تزداد سوءا، دوران حاد، انهيار عصبي شامل، فقدان القدرة
على الحركة و الكلام ... لاحظت صديقتي وضعي الصحي المتدهور، فطلبت من أحد
المسؤولين بالحي المناداة على سيارة الإسعاف، فأعطته إسمي الكامل، وعلى متن سيارة
الإسعاف، بدأت أشواط التحقق من الهوية، إذ سألوا صديقتي : " واش هادي فلانة، مالها
صحتها خطيرة..." بمجرد وصولي باب المستشفى الغساني، أدخلوني لوحدي إلى غرفة
العلاج ، مددوني على ظهري فوق سرير، انبرى الطبيب لمعاينتي، قام بقياس الضغط
الدموي، فـأخبرته بما أشعر به من آلام حادة على مستوى البطن، قام بتعرية بطني
" واش فيك ليغاز" حقنني بمواد عن طريق إبرة picure، كما قام بقياس ضربات القلب، وأنا لازلت في
حالة متدهورة، اقتحم علي الغرفة فريق مكون من 6 عناصر "بوليس بزي مدني"،
حققوا مع صديقتي حول حالتي العائلية و الشخصية، مباشرة بعد ذلك، طلب
مني الطبيب
الخروج من الغرفة، حينذاك تقدم إلي عنصر منهم، قال لي :" واحد دقيقة عفاك
" أخذ من يدي وصفة الدواء، ثم أمرني بمرافقته، ما إن وصلت باب المستشفى، سقطت
أرضا من شدة آلام الأمعاء التي تعتصرني، تركوني جالسة في الخارج، منعوا صديقاتي
اللواتي رافقوني من الاقتراب صوبي، وفي رمشة لقيت نفسي داخل سيارة من نوع (4 * 4)،
فقام أحدهم بتسليط أشعة الضوء في وجهي " واش هي هادي، شاديتوها" وعلى
طول الطريق الموصلة لولاية القمع، وهذه العناصر تستفزني وتسبني " راك سخفانة ياك،
حبيب القلب ديالك راه مشدود، راك مأزمة من جيهتو، أنت هي الدرقاوية ....". وفور وصولي لولاية القمع الكبرى، دخلت الباب، أحدهم أخبر
رئيسهم " راها وصلت آسي عزيز..." فتركت برهة في الغرفة، نطق أحد العناصر
" واش أنت صاحبة شعول؟" ثم دخل المسمى " السويري عزيز": أهلا
بالدرقاوية؟ أجي هنا احدايا، القح...ة احديا هنا ، عارفة الرب دموك علاش شادوك
وجابوك عندي القح...ة"،عبارات سوقية كثيرة، أنا معارفاش علاش شاديتوني؟ فصرخ
آخر في وجهي بوقاحة،"
بلا متقردني علينا، احنا عارفين
كلشي، المحضر لي ديتيه من المحكمة لمن اعطيتيه، وشكون سايفطك، شوف هدري عاودي كلشي
بزربة، غادي نغرقك بالكتابة ونسيفط القح...ة دموك لعين قادوس " ثم نطق "السويري"
فقال: " راك recherche عارفة راسك؟ انت اعطيتي محضر لواحد فار من
العدالة !!" فأجبت : أنا لم أسلم أي محضر لأي شخص؟ أنا تواجدت "
بالمحكمة" يوم إحالة رفيقي المعتقل السياسي عبد النبي شعول على " أنظار
قاضي التحقيق" من أجل مؤازرته ورؤيته وأتواصل مع هيئة الدفاع لمعرفة التهم المفبركة
التي ألصقت له، قاطعني بطريقة السفلة الأنذال " القح..ة
راك شديتي المحضر في يديك، واش باغية تسطيني، لمن أعطيته؟" .." أنا
ماعرفة والو.." إجاباتي كانت تزيده غضبا و إحساسا عميقا بالجبن و الفشل، ثم
واصل في رشقي بقاموسه البهيمي " غادي تجاوبي ولا نقو...ها مع القح...ة دموك
..." أف أف أف ... أحسست بإرهاق و انهيار عصبي فظيع اجتاح جسدي، فلم أعد
قادرة على الكلام، برهة دخل علينا أحد الجلادين فصرخ في وجهي بصوته البغيض "
اسمعني آالقح..ة جاوبنا بصراحة تمشي فحالك"، لم أجبه، حديثه أوسخ من سابقيه. بعد ذلك، أخذوني عند جلاد آخر يدعى " الحموشي"، والذي أمطرني
بعاصفة من الكلام النابي والحقير وقليل من الأسئلة: " تكلم الموسخة، شنو قضية
المحضر، راسك قاصح، غادي نتكرفس على دين مك واش أنت صاحبة عبد النبي، جاوب
القح...ة؟ شمن علاقة عندك معه؟ فوقاش اعرفتيه؟..." ثم لبس ثوب الكاهن و بدأ يسأل
" أش داك لهاد المشاكل؟ وعلاش اختاريتي ديري علاقة مع عبد النبي؟ أنت زوينة
وجهك ماشي ديال التكرفيس، بعدي منو، هاداك راه مسخوط الوالدين، مغاديش تلقا معاه
السعادة وراحة البال، كلو مشاكل، دابا راه مشا، غبرنا دين مو في الحبس، مغاديش يخرج، 10 أو 15 أو 20 سنة، واش أنت قادة تصبري هذا المدة كاملة؟ عبد
النبي مايصلاحليكش، راه غير تعول تنساه، واحد العام وغادي تنساه بالمرة،"
وغادي ديري علاقة جديدة، مع شي واحد أحسن منو بلا مشاكل بلا حبس... حوالي ساعة من
الزمن أو أكثر، والجلاد يحاول ما أمكن إقناعي بالتبرؤ من علاقتي برفيقي وتشويه
صورته و مستقبله معي، وكذا محاولة اقناعي بالعدول على مساري النضالي، فأجبته و
علامات الغضب مرسومة على وجهي :" إن علاقتي بعبد النبي شعول مسألة شخصية،
تهمني أنا فقط، ولا دخل لأحد فيها، راسي وحرة فيه، ومعمري نتخلى على طريق النضال
ليختاريتها عن قناعة..." ... لم ترضيه إجابتي الواضحة، فهددني بإخبار عائلتي
بالعلاقة التي تربطني بالرفيق المعتقل السياسي عبد النبي شعول، كأسلوب للضغط علي و
ابتزازي، لكن أخبرته أن عائلتي تعرف كل شيء، وعلى علم بهذه العلاقة، وتعرف جيدا
هذا الشخص الذي يشاركني حياتي وطريق النضال. فسكت ورد علي " ماسحبناش علاقتك
واصلة لداركم". فأخذ ينوع في أسئلته قليلا ربما قد يحصد شيئا
من النجاح " قولي الموسخة، شنو موقفك من الندوة 28 /29 مارس؟ موقف من كذا
وكذا وكذا..." فلما أجبته، قال " جاية موجدة عندنا ياك؟ جاوب؟ ولا
نصيفطوك عندو لعين قادوس؟
" إلى بغيتي تصيفطني للحبس
ما عنديش مشكل" فرد علي الجلاد "السويري"
: " الله يسهل ليك فيه" هاد الليلة، الرب دموك مالقيتي غير تناضلي وديري
علاقة غير مع هداك ...
ماخايفاش على راسك؟" ...
بعدها رافقني كل من " السويري" و " الحموشي " إلى لاكاف على
الساعة الثانية والنصف ليلا، " الحموشي" يتحدث
معي : " راحنا بغينا ليك الخير، أنت مابغيتيش تهدري، راسك قاصح، تابعة داك
الطريق وذاك عبد النبي، هذاك راه غادي يموت غير في الحبس " فردت عليه،"
أنا هدرة واحدة قلتها، مابقالي مايتقال".
" واش سحابلك الحبس زوين،
راه غير المرض، والتعامل فريا، و القمل والوسخ، عنداك تمشي ثقي بديك الهدرة، أن
الطلبة عايشين في الحبس مزيان، راه غير الرفس فيهم.." على
هذا المنوال واصل حديثه المسموم والملغوم، عبر ممرات وكلوارات ولاية القمع إلى أن
أدخلوني عند معتقلات" الحق العام"، بعدما جردوني من لوازمي: الساعة ، سلسلة..، عندها سألتني إحدى المعتقلات: " علاش جابوك نتي،
واش على السكرى في البار، ولا الدعارة ولا الشيشا..." فأجبتها: لا أختي، أنا
جابوني على حساب السياسة، أنا طالبة مناضلة..."، قضيت ما تبقى من ساعات الليل
رفقة عشرات معتقلات " الحق العام" في وضعية كارثية، كلهن يدخن السجائر و
الحشيش داخل السيلون، ورائحة نتنة تفوح المكان، ضجيج وصراخ لا ينقطع، وفي مشهد
مريض صدمني بقوة لما شاهدته، إذ تقدم أحد الحراس/ الجلادين، ونادى على معتقلة،
ودار حديث بينهما، فأخذت تتجرد من ملابسها بطريقة غريبة و الجلاد يمارس معها نزوته
أمام أعين باقي المعتقلات، في جو من الضحك و الكلام الساقط. وعلى الساعة
التاسعة صباحا، في اليوم الثاني، اصطحبني أحد العناصرالقمعية، وأدخلني غرفة الجلاد
" عزيز السويري" فصرح قائلا: فكرت مزيان؟ راه عندنا كاع المعطيات عليك،
شكون لي عطاك داك المحضر في المحكمة ولمن اعطيته؟ واش كتعرفي هاد السميات ديال
الرفيقات: فلانة و فلانة و فلانة... فأجبته: أنا لم أسلم أي محضر، ولا أعرف أسماء
الرفيقات، وفي كل لحظة من لحظات " التحقيق"، يسألني عن علاقتي بالرفيق
عبد النبي شعول، واش أنت صاحبة عبد النبي؟ مانوع العلاقة بينكما؟ واش اعرفتي أن
داك السيد راه معروف، وعندو سوابق، وحياتوصعيبة، وما عندو لا مستقبل لا والو مادام
مستمر في هاد الطريق؟ ابتعد عليه، فكر فراسك، صبري عام، وداغيا الحب كيمشي، قصحي
قلبك ونقسي عليه شوية، وغادي تبرا من هذا الحب، العام الجاي ولي وراه، غادي تلقى
شي واحد ينسيك فيه، وابتعدي عن السياسة و النضال وهذا التخربيق" قلت لك
البارحة، ها أمر شخصي، غادي نبقى متشبتة بالنضال او معاه ولو يحكموه بالإعدام، أنا
متأكدة أنه بريء هو ورفاقه، ومظلومين والتهم مفبركة، ثم رد علي بهدوء: " بيني
وبينك راحنا عارفين هو وشي واحدين معاه، ماداروش داك الزبلة /المؤامرة ديال الحقوق
لي مات فيها داك الشخص، ولكن هذه اوامر، باش نمشيو ونشدو الريوس الكبار، وهو واحد
منهم" و أضاف قائلا :
" بغيت نعرف علاش داك عبد
النبي agressif وخوه gentil ؟ وعلاش مادرتيش علاقة مع مصطفى و اختاريتي
عبد النبي؟ أنتي ماشي سهيلة أنتي صعيبة . وعلى الساعة الرابعة مساءا، أنزلوني إلى
لاكاف بعدما أرغموني على التوقيع على محضر بالعنف والسب والقذف بالكلمات النابية
وتهديدي بالإعتداء علي إن لم أوقع، فلم أقرأ المحضر وأجهل محتواه، فلما أوصلني إلى
السيلون، قال الجلاد لأحد العناصر، دابا عاد سير جيب ليها شي ماكلة، هادي يومين
ماكالت، لم أكل أكلهم، أخذت فقط من أكل عائلتي التي أحضرته لي في اليوم الثاني. وفي اليوم الثالث، أحالوني على محكمة النظام الرجعي ''محكمةالإستئناف''
بفاس، سألني " وكيل الملك":
هل لديك علاقة بالمسمى عبد
النبي شعول، قلت له نعم، إنه رفيقي في النضال ولي علاقة معه، وحضرت يوم محاكمته
لرؤيته ومساندته وليس لأي غرض آخر، ونفس
السؤال وجهه إلي ''قاضي التحقيق'': هل تعترف أنك على علاقة بهذا الشخص، فأجبته
نعم، عبد النبي شعول رفيقي. لكن المفارقة العجيبة، أنه طوال مدة 48 ساعة
من " التحقيق" داخل ولاية القمع، دار الحديث حول علاقتي بالأشكال
النضالية لأوطم بشكل عام، وعلاقتي الشخصية بالرفيق عبد النبي شعول، لكن المحكمة،
وجهت لي تهمة ملفقة مفادها " تقديم مساعدة لشخص فار من العدالة" فعن أي
عدالة يتحدثون.....، وتمت متابعتي في حالة السراح المؤقت. فهل النضال وعلاقتي
بالرفيق عبد النبي شعول تعتبر ''تهمة''؟ هل إختيارهدا الطريق والارتباط بشخص مناضل
تهمة يعاقب عليها ''القانون''؟ فعلا إنها مهزلة/جريمة يقترفها النظام القائم في حق المناضلين الشرفاء
المتشبتين بالموقف والقضية والمبدأ ، تنضاف لسجل المهازل/الجرائم الكثيرة في حق
الشعب المغربي عموما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق