الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

سعيدة الشهيدة ... الذكرى المجيدة

    سعيدة الشهيدة ... الذكرى المجيدة

بحلول يوم 11 دجنبر من هاته السنة 2014، تكون قد مرت 37 سنة على إعلان سعيدة المنبهي ميلادها الجديد، والتحاقها بركب شهداء شعبنا العظيم، من أبطال المقاومة وجيش التحرير والانتفاضات المجيدة والتنظيمات الثورية.

انطلقت فصول حكاية حياة "امرأة أحبت الضوء"، بأحد أحياء مراكش الشعبية "رياض الزيتون" في شتنبر 1952. لم تنشغل بما انشغلت به الكثيرات من بنات جيلها، أرقها هم فلاح يتعب، يشقى، يزرع أرضا لا يملك فيها شبرا، أرقها هم عامل يبني، يشيد، وينتج لكن لا حظ له في المكاسب. تخرجت من كلية الآداب بالرباط شعبة الأدب الإنجليزي بعدما كانت مناضلة في صفوف "الاتحاد الوطني لطلبة المغرب" خلال بداية السبعينات بالتزامن مع فرض الحظر القانوني على المنظمة الطلابية ، و عملت أستاذة للغة الإنجليزية بإحدى المدارس بنفس المدينة. ، فلم تستكن و أتمت مسارها الحافل بالعطاء مناضلة "بالاتحاد المغربي للشغل"، لترسو بها سفينة العمل الثوري في آخر المطاف بالمنظمة الماركسية اللينينية "إلى الأمام" المدافعة عن تصور الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية.
صرخت سعيدة في زمن كان الهمس فيه يساوي الموت، فانبرى من نعتتهما بالوحشين الأسودين في إحدى قصائدها، لمداهمة بيتها في يناير 1976، كبلوها وعصبوا عينيها وساقوها لمركز التعذيب السري" درب مولاي الشريف" في زيارة دامت الشهرين، لتنقل بعدها في مارس إلى السجن المحلي بالبيضاء، وتفرض عليها عزلة تامة مع رفيقتيها فاطمة عكاشة وربيعة لفتوح، حوكمت في يناير 1977 ضمن ما عرف بمجموعة 139 وكان نصيبها من الأحكام الصورية 5 سنوات، ثم إضافة سنتين بتهمة إهانة " هيئة القضاء" بعدما تشبثت علانية بمواقفها وحولت المحاكمة إلى محاكمة للنظام وجلاديه.
لم ينسيها السجن وقساوة ظروف الاعتقال، الانشغال بالهموم والقضايا التي آمنت بها وناضلت من أجلها، فكانت الشاعرة التي فجرت طاقة الإبداع في الزنزانة، وخطت بدمائها أجمل قصائد الوفاء، كانت آخرها: " سأموت مناضلة". وكانت الباحثة التي قامت بدراسة لم تكتمل خلف القضبان ، وكانت ثمرة هذا العمل مقال حول العاهرات بالمغرب، انطلاقا من إيمانها الراسخ بأن تحرر المرأة لن يتم إلا بانخراط النساء في النضال التحرري الرامي للقضاء على مجتمع الاستغلال والاضطهاد.
من وراء القضبان الحديدية الصدئة وخلف الأسوار الإسمنتية العالية، استرخصت سعيدة حياتها ضريبة لقناعتها بضرورة جلاء الظلم والاستبداد، في 11 دجنبر  من سنة 1977، بعد 34 يوما من الإضراب اللامحدود عن الطعام، ضريبة لإخلاصها للموقف والقضية، للمشروع الإنساني البديل، ضريبة عشقها للنور الذي يلوح في الأفق.
ذكرى استشهاد الرفيقة، الأم والمناضلة سعيدة المنبهي، كما هو الحال بالنسبة لباقي شهداء الشعب المغربي، حدث عظيم يحمل دلالات ومعاني كبيرة، فلن نكون من هواة التباكي أو الرثاء، وإنما نستحضر تضحيات شعب عظيم لم ولن يتوانى في تقديم خيرة أبنائه من أجل الغد المشرق، نستحضر عباس المسعدي، كرينة، رحال، زروال، دهكون، التهاني، سعيدة، الدريدي، بلهواري، شباضة، المعطي، بنعيسى، نجية أدايا، زبيدة، الأجراوي، بوعبيد، الكادري، الشايب، الزوهري، فدوى العروي، الفيزازي،... وآلاف الشهداء الآخرين، لنجعلهم نبراسا لممارستنا وبوصلة لمن يجهل المسار، و سنتذكر كل هؤلاء في عطاءاتهم النضالية التي لم تنضب يوما، و روحهم العالية و إيمانهم بحتمية بزوغ فجر الحرية حتى في أحلك و أمر الظروف كما قالت سعيدة و هي خلف القضبان:
" تذكروني بفرح فأنا وإن كان جسدي بين القضبان الموحشة فإن روحي العاتية مخترقة لأسوار السجن العالية وبواباته الموصدة، وأصفاده وسياط الجلادين الذين أهدوني إلى الموت، أما جراحي فباسمة، محلقة بحرية، تضحية فريدة، وبذل مستميت".
سعيدة الشهيدة في سجون النظام
الأرض للفلاحين و المعمل للعمال

فليسقط الإصلاح، فليسقط النظام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق