الخميس، 23 مايو 2013

السجن المحلي عين قادوس بفاس، الزنزانة رقم 9 بحي التوبة، المعتقل السياسي رشيد أغزر : شهادة حول التعذيب


السجن المحلي عين قادوس بفاس
الإسم الكامل: رشيد أغزر
الزنزانة رقم 9 بحي التوبة.
شهادة حول التعذيب
تم اعتقالي يوم الخميس 25 ماي 2013 على الساعة 16:00/16:30، أمام باب الثكنة العسكرية من طرف قوى القمع ، التي كانت تحاصر المركب الجامعي ظهر المهراز – فاس، تحت دريعة أنها تأمن السير العادي للدورة الاستثنائية المشبوهة والغير العادلة، وبهذا فهي ترتكب جريمة في حق الطلبة بتأمينهم تفعيل مخطط النظام الطبقي، الذي يهدف إلى إقصاء الطالب من حقه في التعليم الجيد وفي ظروف جيدة من أجل التحصيل العلمي، فكانت أسباب اعتقالي هو أني طالب أتواجد في الجامعة أثناء العسكرة القمعية هناك، فأين سأتواجد إن لم أتواجد في مكاني الطبيعي، ألا وهو الجامعة، فلم يكفيهم ذلك بل قاموا بالتدخل الهمجي والوحشي بدون إشعار، بسياراتهم وأدواتهم القانونية وغير القانونية "عصي من حديد وهراوات – مانڭو – وحجارة..." في صفوف الطلبة الذين لا يحملون إلا ادواتهم الدراسية "دفاتر وأقلام" وقناعاتهم الصلبة وحصانتهم الوحيدة الإطار العتيد الاتحاد الوطني لطلبة المغرب،

 فقد بدأ مسلسل الاعتقال بعدما حاصرت هذه القوى الهمجية الحي الجامعي ومكتبته من كل صوب وحدب، فما كان مني والطلبة إلا أن توجهنا إلى الساحة الجامعية لنجد مجموعات قوى القمع "التدخل السريع والسيمي" متموقعة في جميع أنحاء الساحة الجامعية، فلم يتركوا إلا ممرا وحيدا قصد ارتكاب الجريمة بإتقان، حيث كان عناصر من رجال القمع يضربون ويشتمون من يشاؤون ويعتقلون من يشاؤون، فعندما اعتقلني أحد عناصر "التدخل السريع" رمى بي في سيارة بيضاء مع ستة طلبة آخرين من بينهم "الترغي" و"عدنان" كلهم لاقوا نفس المصير، إلا أنهم بالغوا في تعنيفي، طرحوا علي أسئلة مصاحبة بالسب والشتم والضرب من قبيل الاسم الكامل وهل أنت رفيق، ثم اقتادوني إلى سيارة زرقاء، هذه المرة تعرضت للضرب من طرف "السيمي"، وجردوني من حذائي وجواربي ومذكرتي التي تحتوي على أرقام هواتف أصدقائي إذ لم أكن أملك هاتفا معي، وأرغموني على ترديد نشيدهم "الوطني" وسألوني "شحال ديال الركعات في صلاة العصر وفي صلاة العشاء؟..." وبعدها تم نقلي إلى سيارة أخرى بيضاء مظلمة من الداخل، مكتوب عليها "الأمن الوطني"، بها ثلاثة عناصر قمعية سرية، ضربني أحدهم على رأسي بهراوة قبضتها رقيقة ونهايتها كروية الشكل، فنقلونا إلى الولاية حيث تم التحقيق معي في هويتي تحت الضرب والترهيب والشتم والمناورات الكلامية، فقاموا بإطلاق سراح مجموعة من الطلبة عددهم على أقل تقدير  30 طالب، واحتفظوا بخمسة طلبة من بينهم الرفيق "أشرف السكوري"، وثلاث رفيقات "عائشة البوش، أسماء صباح، جهان" وكنت أنا واحد منهم، اقتادونا مصفدي الأيادي إلى القبو "لاكاب" استقبلنا الحارس بقوله "مازال هادشي ديال طلبة ما بغا يتسالا" فجردونا من خيوط الحذاء والحزام والهواتف والنقود وكل ما نملك، احتفظوا بكل ذلك إلى حين انتهاء "دوكو"، أي يومان في "لاكاب" لأن للسجن لغة خاصة، زجوا بالطالبات في زنزانتهم الخاصة بالإناث، أما نحن يقتادوننا إلى زنزانتنا المخصص للرجال، أول شيء قمنا به هو غسل أطرافنا ووجوهنا المتسخة، لنقضي الليلة هناك، لا نسمع إلا صوت السكارى الوافدين وصوت مياه الصنابير التي لا تتوقف، أما الرائحة ليست كالرائحة التي اعتدناها، بل هي مزيج بين رائحة المراحيض و"الغمال" الناتج عن الرطوبة المفرطة الذي يطغى على لون الجدران ورائحة النبيذ، أما مكان النوم فهو لا يتسع إلا لوضعية واحدة نبقى عليها حتى الصبح فوق فراش رقيق لا يحول بيننا والأرض إلا ببضع مليمترات كأننا ننام على الأرض مباشرة، وغطاء مثله رائحته كريهة، لا أكل ولا سيجارة إلا ما تفضل علينا به أحد السكارى، لا نوم لأن فكرة النوم مستبعدة هناك، خاصة في الليلة الأولى بسبب الألم الناتج عن الضرب والأفكار التي تموج في الرأس، أخذنا هناك نتبادل أطراف الحديث مع بعضنا ونسائل بعضنا البعض عن سبب سجننا، والكل يتعاطف معنا ويقول "انتوما رجال كتهضروا على حقكم وكتصيبوا ليساندكم برا" وفي الصباح نستيقظ على صوت المفتاح الذي يضربه الحارس على قضبان الحديد، يخرج الجميع إلى البهو لينتظر كل واحد منا دوره في قضاء حاجته وغسل وجهه، وماذا بعد ذلك؟! ليس الفطور بل يتم تجميعنا في زنزانة كبيرة، حيث تظل لساعات بدون مكان للجلوس أو الراحة، ليس بسبب الحراس، ولكن تعمل بدلهم على الدوام المستنقعات التي يخلقها السكارى من جراء التقيء والتبول إضافة إلى برودة المكان، وبعد ثلاث ساعات أو أكثر بقليل من الانتظار، حيث كنت أتسلى بالكتابة على الجدران، ليس بالأقلام المعهودة ولكن ببقايا السيجارة المتفحمة، أتى حارس بلائحة، كل من ينادي عليه يتم أخذه لمكان لا نعلمه، أما نحن الطلبة نبقى الأخيرين في اللائحة حتى ينادى علينا من بعد، ننتظر مصيرنا ونتساءل عن ماذا سيفعل بنا وكم ستدوم مدة الإقامة في هذه المغارة، ثم يأتي حارس مرة أخرى ليستدعي كل واحد منا، أما أنا فاقتادني شرطي سري، على ما ظهر لي أنه تعامل معي بشكل "ظريف" حتى وصلنا إلى مكتبه فقام بالتحقيق معي حول الاسم الكامل، الأب، الأم، الكلية ،الشعبة والمستوى الدراسي، ثم انتقل إلى أسئلة أخرى من قبيل: "هل أنت قاعدي؟"، "هل تشارك في التظاهرات والحلقيات؟"، فأجبت بالنفي وعند الإمضاء قلت له هلا قرأت المحضر؟ قال لي بابتسامة عريضة "راني قلتلك نتعاملوا رجال" وألحت عليه بقراءة المحضر فإذا به أصبح شخصا آخر، فأرغمني على امضاء المحضر المفبرك، وبعدها اقتادني إلى مكتب بالأعلى تعاملوا معي بكلام معسول ومرة بكلام نابي، تم التحقيق معي تحت الضغط المادي والمعنوي إضافة إلى الأسئلة السابقة في المحضر الأول، سألوني عن النهج الديمقراطي القاعدي والكتب التي قرأتها مثل البيان الشيوعي وعرضوا علي لائحة طويلة بأسماء الطلبة، وبعدها اقتادوني إلى المخفر وكنت أضن أنه سيطلق سراحي مع الثالثة زاولا كما قيل لي أثناء التحقيق فاكتشفت أنهم كذبوا، فتلك مسرحية أتقنوا دورهم فيها، فبتنا الليلة الثانية في القبو المشؤوم، فقد أرادوا أن يحطموا معنوياتنا ونحن نتطلع للحرية، وفي تمام الحادية عشر ليلا التحق بنا الرفيق عمر الطيبي بعد اعتقاله من بين أحضان أمه التي تربطه بها علاقة مشيمية من طرف أعداد هائلة من عناصر "الشرطة السرية" بإحدى المقاهي بحي السعادة، فأخذنا نتبادل أطراف الحديث حتى الساعة الثانية، فجاءت وفود السكارى إذ التحقوا بالزنزانة المقابلة، فتجاذبنا معهم الكلام وأعطونا السجائر والطعام حتى انطفئ المصباح، وفي الصباح تكرر نفس مشهد صباح البارحة، وفي تمام العاشرة والنصف اقتادونا إلى مكتب "وكيل الملك" "بالمحكمة الابتدائية"، أما عمر فظل في الولاية حتى ينتهي التحقيق معه، نقلونا في سيارة تعج بمساجين الحق العام، فامتثلت أمام الوكيل حيث كان يحضر معي على ما أذكر ثلاثة محامين كنت أعرف أحدهم هو المحامي "السيد الوزاني"، حيث كتب محظر تناول فيه الاسم الكامل والشعبة والانتماء السياسي، وسألني عن التهم الموجهة إلي تم أمضيت على المحضر، ثم أرجعوني إلى "لاكاب" بالمحكمة المذكورة، وبعد ثلاث ساعات على التقدير تم إطلاق سراح طالبة وثلاث طلبة واحتفظوا بي والرفيق أشرف السكوري والرفيقتان عائشة وأسماء بالسجن الاحتياطي المحلي بعين قادوس حيث سأودع معه بالزنزانة 9 بحي التوبة بها 19 معتقلا سياسيا، وأخيرا وليس أخر يبدأ الشوط الثاني من مسلسل الاعتقال السياسي.
وفي الختام أكتشف أن هناك مفارقة بين الشعارات الرنانة المرفوعة من قبل النظام "حقوق الانسان، لا يجوز المساس لكرامة الانسان..." وبين الواقع الحقيقي الذي نعيشه، بحيث يظل القمع والتعذيب سيد الميدان، كما اكتشفت حقيقة مفادها أن النظام بهمجيته يرتعد من قوة الجماهير الطلابية والشعبية.
اناشد الجماهير الطلابية على المزيد من الصمود والمقاومة والمواجهة إلى آخر رمق.

الحرية لكافة المعتقلين السياسيين
لا سلام لا استسلام .. معركة إلى الأمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق