الثلاثاء، 26 فبراير 2013

تقرير حول أوضاع المعتقلين السياسيين من داخل سجن عين قادوس



تقرير حول أوضاع المعتقلين السياسيين من داخل سجن عين قادوس

السجن المحلي عين قادوس 

-المعتقل السياسي: طارق الجعيبي
رقم الاعتقـــــــال: 81433
-المعتقل السياسي: يونس الروفي
رقم الاعتقـــــــال: 81435
-المعتقل السياسي: هشام بوغلاد
رقم الاعتقـــــــال: 81436

منذ اعتقالنا بتاريخ 14-01-2013 على أرضية المعارك النضالية التي يخوضها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بخطه الكفاحي التقدمي بموقع سايس- فاس من أجل انتزاع الحقوق العادلة والمشروعة (السكن، التغذية، المنحة....) ودفاعا عن مجانية التعليم، تم إيداعنا بسجن عين قادوس السيء الذكر بتاريخ 16-01-2013 حوالي الساعة23:00 ليلا، ابتداء من هذا التاريخ بدأت معاناة من نوع آخر بصيغة أخرى.
حيث تعمدت إدارة السجن تلك الليلة تفريقنا على عدة زنازن، فقد تم الزج " بيونس الروفي "بحي التوبة الزنزانة"5" "وطارق الجعيبي " الحي الجنحي الزنزانة"5"أما بالنسبة لهشام بوغلاد فقد تم الزج به بالحي الجديد الزنزانة"2"وبعد ذلك الزنزانة"1"، طبعا كلنا مع معتقلي الحق العام، ومنذ تلك اللحظة ونحن نعاني أشد المعاناة إذ مرت تلك الليلة دون أن نرى النوم من جراء الشروط القاسية والتي تتمثل في حالتنا الصحية الجد متدهورة على إثر التعذيب الذي تعرضنا له بولاية القمع بفاس لمدة 48 ساعة، هذا دون أن نأكل شيئا لمدة 72 ساعة، وبمجرد أن دخلنا الزنزانة تفاجأنا بمشهد يثير الاستغراب وهو أن الزنزانة تعرف اكتظاظا مفرطا، فالسجناء عبارة عن علب السردين مكدسة جنبا إلى جنب، فالمشهد كان دراميا بامتياز، فلم نجد مكانا للاستراحة ولو لدقائق معدودة، ومرت تلك الليلة كل لحظاتها معاناة ومأساة فقد مرت الدقائق بالساعات والساعات بالأيام ومن جراء هذا الوضع المزري واللأنساني فقد بدأت تطرح مجموعة من الأسئلة في أذهاننا تتلخص فيما السبيل لتحسين وضعيتنا من داخل السجن؟ فكانت الإجابة طبعا هي السير على طريق شهدائنا الأحرار(سعيدة، بلهواري، الدريدي....)ومعتقلينا، وكان شغلنا الشاغل في تلك الليلة والهدف الذي نطمح إلى بلوغه هو الإلتقاء ببعضنا البعض لمعرفة الأحوال والوضعية داخل الزنازين. وفي الصباح حوالي الساعة العاشرة صباحا التقينا ببعضنا البعض كما التقينا بباقي الرفاق المعتقلين الذين قضوا مدة طويلة هناك، فتناولنا الفطور، وبذلك تكون مدة الاستراحة قد انتهت، وبعد مرور بضع دقائق تمت المناداة علينا فكانت الواجهة هي المحكمة الابتدائية بفاس وذلك يوم الخميس 17-01-2013 حيث تجرى المحاكمات الصورية في حق المناضلين الشرفاء، وبمجرد وصولنا تحت حراسة قمعية رهيبة كما هو الشأن بالنسبة للمحكمة الابتدائية والتي عرفت تطويقا قمعيا رهيبا، وقد خلصت الأمور إلى تمديد مدة اعتقالنا وذلك بمداولة إلى غاية 31-01-2013 ،ومرت شروط الاعتقال قاسية طوال مدة ثلاثة أيام، وعدة نقاشات ماراطونية مع موظفي ومدير إدارة السجن والتلميح إلى إمكانية الدخول في إضراب عن الطعام بهدف التجميع وتحسين شروط الاعتقال وكذا الدعم والمساندة التي قدمها لنا باقي الرفاق فقد انتزعنا مكتسب التجميع بالزنزانة رقم "5" بحي التوبة، فبعد تجميعنا ليلة السبت تمكنا من تعميق النقاش بيننا والذي رسمنا من خلاله الخط والمسار الذي سوف نمضي عليه وهو طريق النضال والصمود والاستعداد للتضحية، ومع مرور المدة من داخل السجن توصلنا إلى مجموعة من الحقائق التي سنعرضها في هذا التقرير.
الرفاق الرفيقات الجماهير الطلابية الرأي العام الوطني والدولي، إن واقع المعتقلين السياسيين وواقع باقي معتقلي الحق العام لواقع مزر، فجل الحقوق مهضومة عكس ما يطبل له النظام القائم وأبواقه، فمن جراء المدة التي قضيناها من داخل سجن عين قادوس(حوالي أسبوع)، فقد دعت الضرورة للاستحمام وهنا وقفنا على حقيقة من نوع أخر وهي أن الحمام الذي يوجد من داخل السجن رقعته ضيقة جدا بل إنه حمام تقليدي ولا يحتوي سوى أربع صنابير، وبهذا فإن عملية الاستحمام تتم عبر دفوعات أي بالأفواج، وكل فوج يضم حوالي "50" سجينا يستفيدون من 20 دقيقة على أكثر تقدير كمدة للاستحمام ويتم اختيار عشر سجناء من كل حي مع العلم أن الزنزانة تحتوي على أقل تقدير على 70 سجينا والحي يضم مجموعة من الزنازين، وهنا نستنتج حقيقة واحدة وهي أن معظم السجناء لا يستفيدون من الاستحمام مع اختلاف المدة التي يقضونها من داخل السجن وهذا ما يسبب في انتشار مجموعة من الأمراض ومدى انعكاساتها وتأثيرها على باقي السجناء مثل "الجربة"، وعلى إثر هذا الوضع الكارثي فقد رفضنا الاستحمام، وطالبنا بالعزل أثناء الاستحمام وإعطاء مدة كافية لذلك، وبقينا على هذا الحال إلى غاية تحقيق مطلبنا العادل والمشروع، وانضاف إلى هذا الوضع المزري الذي نعيشه التغذية الرديئة وكميتها قليلة جدا ومتسخة وغالبا ما يكون في تناولها الضرر أكثر من الاستفادة، وقد رفضنا بالبات والمطلق تناولها نظرا لانعكاساتها الخطيرة على صحتنا وعلى أي سجين كيفما كان، فهي تغذية لا تليق بالإنسانية وقد طالبنا الاستفادة من مطبخ بالحي السجني بغية إيجاد حل لهذا الوضع المزري واللاإنساني وهنا اصدمنا بعراقيل من نوع أخر وهو أن المطبخ مساحته جد ضيقة حوالي 2/3 متر ويتوفر فقط على أربع "ريشوات" لأكثر من سجناء 11 زنزانة مع العلم أن المطبخ يسهر على العمل فيه سجينين فقط بدون مقابل ولا علاقة لهم بالوظيفة الإدارية، وعملية الاستفادة من المطبخ تتم بالزبونية والمحسوبية فالمستفيد الأول من المطبخ هم أصحاب الرأسمال والنفوذ عن طريق الرشوة التي يقدمونها للموظفين أما أبناء الشعب الكادحين فإن حاجياتهم تقضى بعد مرور خمس ساعات فأكثر من لحظة وضعها بالمطبخ أو أنها لا تقضى نهائيا تحت ذريعة الاكتظاظ أو أن "الريشو" معطل عن العمل، وأمام هذا الوضع الكارثي فإن إدارة السجن تتملص من مسؤوليتها وتحملها إلى السجناء، الشيء الذي لم نتقبله أبدا ومطلقا وقد رفضنا كل مظاهر الزبونية والمحسوبية المتفشية بشكل كبير داخل السجن علما أن هذه المظاهر والممارسات تمر أمام أعين المسؤولين الكبار بمعنى أن الكل متورط وله حصة في ذلك مع اختلاف هذه الحصة.

فعوض تقديم إجابة حقيقية لواقع الأزمة الذي نعيشه عملت إدارة السجن على التضييق والاستفزاز وتشديد المراقبة علينا والعمل على محاولة تحويل الصراع بيننا كمعتقلين سياسيين وباقي معتقلي الحق العام، وقد فشلت في هذه العملية نظرا للعلاقة الوطيدة التي تجمعنا بباقي السجناء.

وعلى هذا الأساس فقد قررنا خوض إضراب عن الطعام لمدة 48 ساعة كخطوة إنذارية ابتداء من 25-01-2014 على الساعة الثامنة ليلا إلى غاية يوم 27-01-2013 على نفس التوقيت مطالبين بإطلاق السراح الفوري والدفاع عن هويتنا كمعتقلين سياسيين وكذلك للمطالبة بتحسين شروط الاعتقال مع الاستفادة من مختلف مرافق السجن....وقد تعاطت إدارة السجن مع خطواتنا ومطالبنا باللامبالاة ومارست معنا سياسة التماطل والتسويف ومحاولة تسريب اليأس إلينا والضغط علينا بطرق مباشرة وغير مباشرة لفك الإضراب عن الطعام، وفي ظل استمرار إدارة السجن في نهجها لنفس الأسلوب فقد قررنا التصعيد في خطواتنا النضالية والمزيد من الصمود والبرهنة القطعية على مدى وعينا بحقوقنا العادلة والمشروعة وذلك بخوضنا لإضراب عن الطعام لمدة 72 ساعة ابتداء من يوم الاثنين 04-02-2013 على الساعة الثامنة ليلا إلى يوم الخميس 07-02-2013 على نفس التوقيت، وقد تزامنت هذه الخطوة مع الجلسة الثالثة بالمحكمة الابتدائية والتي عرفت كالعادة تطويقا قمعيا رهيبا ومنع عائلاتنا من حضور أطوار المحاكمة الصورية وقد مرت تلك الجلسة في السرية التامة، كما شهد ذلك اليوم تدخلا قمعيا في حق الجماهير الطلابية التي برهنت بشكل ملموس على مدى وفاءها لقضية المعتقلين السياسيين، ومن جراء خطواتنا النضالية فقد تحسنت شروط الاعتقال نسبيا داخل السجن رغم الانعكاسات على وضعنا الصحي إلا أننا نكون قد وضعنا الأساس لمعركتنا البطولية من داخل زنازن الرجعية ببلادنا.
وكلما مرت الأيام وإلا ونكشف حقائق لم تكن في الحسبان إذ توصلنا إلى حقائق تظل بالنسبة للرأي العام من شبه المستحيلات في مغرب 2013، وفي ظل الشعارات الزائفة التي يطبل بها النظام القائم وأبواقه من" دستور الجديد"، "حكومة جديدة"، "الإستثناء المغربي"... لكن تبقى هذه هي الحقيقة وتبقى وصمة عار في جبين النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي. فحالتنا الصحية كانت جد متدهورة فقصدنا المصحة لكن الذي حدث هو أن المتابعة الصحية حلم وليس حق، فمساحة المصحة ضيقة جدا وتخول فقط لعدد قليل من السجناء العلاج، فكم من حالات صحية جد متدهورة وتنذر بالخطر ولا تستفيد من العلاج والدواء الذي هو حق من حقوق الإنسان، وحتى إن ساعفك الحظ فإن التوصل بالدواء يتم بعد مرور ثلاثة أيام على أقل تقدير من لحظة الطلب، نضيف إلى هذا أن المصحة يشرف على العمل فيها فقط طبيب واحد يتواجد مرتين في الأسبوع (الاثنين والجمعة)، ومن أجل التوضيح أكثر فإن حالتنا الصحية كانت جد متدهورة في الأسبوع الأول من الاعتقال ورغم ذلك فإننا لم نتوصل بالدواء إلا بعد مرور مدة كانت كفيلة لينعكس ذلك على حالتنا الصحية التي ازدادت سوءا كما هو الشأن لباقي الرفاق، فإن الاستفادة من العلاج تسير وفق المصالح والمنافع أي من له معرفة وذو جاه سيستفيد ومن لاحول ولا قوة له فإن وصوله إلى المصحة من سابع المستحيلات، وهذا ما ينعكس على الوضع الصحي لباقي السجناء، حيث تنتشر مجموعة من الأمراض الخطيرة وضحاياها دائما وأبدا أبناء الجماهير الكادحة، فعندما يحل الليل لا تسمع إلا صوت سعال السجناء، فعديد من السجناء من فقدوا حياتهم نتيجة هذا الوضع كان أخيرهم سجين لم يستفيد من العلاج والمتابعة الطبية بالرغم من إلحاحه على ذلك حتى انتفخ جسمه بشكل خطير، إذ لم يمر سوى أسبوع عن اعتناقه الحرية حتى فقد حياته، أليست هذه مجزرة وجريمة في حق الإنسانية؟.
زد على هذا أن مدة الاستراحة لا تتجاوز ساعة ونصف وليست ثلاث ساعات كما يطبل له القانون الداخلي للمؤسسة السجنية، وأن الاستراحة تتوقف عند حدود باب الحي السجني، الأخطر من هذه الأمور هو تجارة المخدرات المنتشرة بشكل كبير داخل السجن كان أخيرها دخول 40 غرام من الحشيش بالرغم من ضبطها ولكن هذه العملية تبقى صيغة من أجل التمويه، فالعديد من موظفي السجن متورطون في تجارة المخدرات من أعلى الهرم إلى أدناه، فهناك البعض من مروجي المخدرات راكموا رأسمال كبير داخل السجن مما يسهل استهلاك هذا المخدر بشكل كبير وسط السجناء، وما دمنا كمعتقلين سياسيين وكطلاب علم نعيش هذا الواقع المأساوي فإننا نعاني أشد المعاناة من هذه المادة السامة وهذا ما يزيد وضعنا الصحي سوءا.
إضافة إلى هذا كله البيع والشراء في أماكن النوم، فالحصول على مكان يتطلب دفع مبلغ مالي لخليط من المتآمرين منهم طبعا موظفي إدارة السجن، ويتراوح المبلغ ما بين "200"درهم إلى "700"درهم حسب الوضع والمساحة والزنزانة، فالقدر المالي مرتبط بمجموعة من الشروط، وهذه مسألة خطيرة جدا قد يقضي المعتقل مدة تفوق 6 أشهر دون الحصول على مكان للنوم. مقابل هذا فهناك من يحصل على مكان في ليلته الأولى بمعنى أن أصحاب المال والنفوذ جل الشروط متوفرة لهم ومن لا مال له لا مكان له .
فهذه حقائق لا تدع مجالا للشك ومن أراد التأكد من هذه المعطيات فليقم بزيارة ولو لدقائق وليسأل، كما أن الزنزانة تضم أكثر من 75 سجينا ومساحتها لا تتعدى حوالي 11 متر طولا و5 أمتار عرضا ويوجد فيها مرحاضان فقط واحد هو الصالح لقضاء الحاجيات وفيه تغسل الأواني والماء الصالح للشرب والآخر معطل، نضيف إلى هذا فإن قمامة الأزبال تبيت هي الأخرى إلى جانب السجناء ومدى الروائح الكريهة التي تفوح منها فقطعا وحتما لن يسلم أحد من الأمراض، أهذه هي حقوق الأنسان؟ أهذه مؤسسة سجنية؟ إنها الجحيم بكل أوصافه، وإلى حدود كتابة هذه الأسطر لازلنا جنبا إلى جنب مع معتقلي الحق العام نتقاسم المأساة والمعاناة من جراء الشروط القاسية من داخل زنازن الذل والعار.
تبقى هذه هي بعض الحقائق التي وقفنا عليها وما خفي كان أعظم، وهذا واقع المعتقلين السياسيين المناضلين الشرفاء، إلا أننا نرفض بالبات والمطلق هذا الواقع. وإلى جانب معركتنا النضالية، فالعديد من معتقلي الحق العام يخوضون إضرابات عن الطعام، إلا أن صوتهم يبقى محصورا داخل أسوار السجن، من جانب آخر فقد كانت أخير جلسة من المحاكمة الصورية يوم الخميس 14-02-2013 برهان قطعي على المجازر التي ترتكب في حق المناضلين الشرفاء، إذ مرت المحاكمة في سرية تامة بحيث تم منع عائلاتنا من الحضور وقد استغرقت حوالي سبع ساعات ابتداء من الواحدة زوالا إلى الثامنة مساء، وكعادته عمل النظام القائم على محاولة انتزاع صفة المعتقلين السياسيين عنا بتلفيق تهم تهدف في الجوهر إلى تمويه حقيقة الصراع وتجريم المناضلين، إلا أنه لن يصل أبدا إلى مبتغاه، وقد شهد محيط المحكمة الابتدائية تطويقا قمعيا رهيبا ليختتم النظام القائم بطبيعته اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية عرسه القمعي الإجرامي بالحكم على كل مناضل بستة(6)أشهر سجنا نافذة وغرامة قدرها 500 درهم.
الرفاق الرفيقات الجماهير الطلابية لقد حاولنا من خلال هذا التقرير التطرق لبعض جوانب واقع المعتقلين السياسيين من داخل زنازن النظام الرجعي وهو واقع لا تتوفر فيه أبسط الشروط الصحية لحياة كريمة، وأمام هذا الوضع فلا خيار لنا إلا السير على طريق الشهداء، فالصمود والتضحية هو طريق النصر والتحرر، وأفضل هدية ممكن أن نقدمها للجماهير الطلابية التي ظلت وفية لقضية المعتقلين السياسيين هي التشبث بإطارنا العتيد الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بقيادته السديدة النهج الديمقراطي القاعدي والدفاع عن مواقفنا ومنطلقاتنا النظرية الماركسية اللينينية، فالمبادئ والقناعات أقوى من زنازن النظام، فإن كانت المطرقة تكسر الزجاج فإنها تصلب الفولاذ، فمزيدا من النضال والصمود والمزيد من المراكمة نحو الهدف المنشود تعليم شعبي علمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق