السجن المحلي عين قادوس –
فاس
المعتقل السياسي: موسى السموني
رقم الاعتقال: 83083
شهادة حول
التعذيب
بعد انتهاء العطلة الربيعة، في
صبيحة يوم الاثنين 15 أبريل 2013، وقد كان هذا اليوم يشغل حصصا كثيرة من جدولي
الزمني، من بينها خصة الأشغال التطبيقية (T.P) التي
تستلزم الحضور الإجباري. توجهت كعادتي نحو كلية العلوم، بعد بضع دقائق، سمعت أصوات
سيارات القمع تقترب من باب الكلية، وبدأ الهجوم الكاسح من طرف رجال القمع مستعملين
بذلك كل الوسائل التي أتيحت لهم من جملتها القنابل المسيلة للدموع (Chromogène)، وكأنها
حرب حقيقية أعلنت على الطلبة، حيث اختلط نسيم الصباح مع رائحة الغازات التي كانت
تحبس الأنفاس وتزكم الأنوف، لم أجد مفرا إلا التوجه نحو سور الكلية قصد النجاة إلى
بر الأمان، لكن الأمر هناك لم يكن كما توقعت، حيث فوجئت بحافلات القمع بدل
السيارات، لم أقدر على الجري، لكوني قد أصبت في رجلي أثناء قفزي من السور، حاولت
أن أنحني في حقل للقمح رفقة طالب من نفس الكلية، غير أن قوى القمع استمرت في
مطاردتنا إلى أن وقف أحدهم بهراوته على
رؤوسنا، ثم ناد على الآخرين ليلتحقوا به، فأمسكني من رجلي وأوقعني على الأرض، ثم
قام برشي بقنينة غاز يستعمل لإفقاد الوعي، وأخد يضربني بالهراوات في كل جوانب جسمي
حتى شلت حركتي، وآخر وضع رجله على رأسي وقام بالضغط حتى زحزحت أسناني، فسمعت صوتا
يناديهم من بعيد يقول: "لا تضربوهم للرأس جوره للسيارة"، آنذاك قام بجري
من رجلي ووجهي ملقى على الأرض، بعدها فقدت الوعي إلى أن استيقظت من غيبوبتي في
زنزانة مظلمة خلف قضبان الحديد، مع وجوه مخيفة إلا طالبين بجانبي، كان مكان بدون
زمان، لا يمكن بين الليل والنهار فيه، تنعدم فيه أبسط شروط الحياة (لا أكل، لا غطاء،
ولا حتى الماء،...).
بعد غد تمت إحالتي على
"الضابطة القضائية" من أجل كتابة المحضر، فطلب مني بطاقة التعريف
الوطنية، حينئذ تذكرت أنها قد ضاعت مني عندما كانوا يجرونني، إضافة إلى بعض
الوثائق الأخرى (بطاقة الطالب، بطاقة الحي الجامعي، بطاقة السحب البنكي) زائد مبلغ
مالي (500 DH) وهاتف نقال.
لقد كانت الأسئلة التي بُنِيَ
عليها المحظر في غاية البساطة (أسئلة شخصية)، وقد كان كاتب المحضر يواسيني ويشفق
علي، إلى أن طلب مني التوقيع على المحضر، فرفضت التوقيع حتى الاطلاع عليه، آنذاك
كشف عن وجه آخر وراح يهددني تهديدا نفسيا، فوقعته رغما عني (التهديد بالاغتصاب).
بعد احالتي على المحكمة، وبالضبط
على غرفة التحقيق، صدمت بملف جنائي يتضمن تهما ملفقة لا أساس لها من الصحة نسبت لي
ظلما وعدوانا، ثم خلص التحقيق في الأخير إلى وضعي رهن الاعتقال الاحتياطي في سجن
عين قادوس، تحطمت نفسيتي وانهار جسدي وهم يقودونني إلى السجن مغيرين مسار حياتي من
طالب علم إلى (مجرم) بين عشية وضحاها، ناهيك عن الصدمات التي تعرضت لها عائلتي،
خاصة أمي التي نقلت إلى المستشفى إثر تلقيها الخبر، وأبي الذي بلل ثيابه بالدموع
داخل قاعة الزيارة بالسجن عين قادوس، علما أن حالته الصحية متدهورة (80 سنة).
"الحصول على الباكالوريا"
الحلم الذي يراود كل تلميذ من أجل الالتحاق بالتعليم العالي والبحث العلمي
بالجامعة، حتى يتمكن من حمل بطاقة الطالب، آنذاك تكون ثبتت في حقه جميع الشروط
للاعتقال، لكن ليس بالأمر الهين أن تكشف عن حقيقة الواقع.
إنها حقوق الانسان التي تضمن
كرامته وحريته في مجتمع السلم والديمقراطية، تحت مظلة العدالة، شعارات تظل أحلاما
جميلة تراودنا.
الحرية والكرامة
لكافة المعتقلين السياسيين
لا سلام لا
استسلام .. معركة إلى الأمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق