الأربعاء، 4 يونيو 2014

المعتقل السياسي: ياسين المسيح رقم الاعتقال: 89587 / شهادة حول التعذيب


المعتقل السياسي: ياسين المسيح

رقم الاعتقال: 89587


شهادة حول التعذيب




في سياق الهجوم المسعور الذي يشنه النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي على الحركة الطلابية والنهج الديمقراطي القاعدي، والذي ليس وليد اللحظة، بقدر ما هو استمرار لتاريخ القمع والإرهاب الممارس في حق الشعب المغربي وقواه المناضلة، جاءت المؤامرة الإجرامية الحالية التي نفذتها القوى الظلامية بتنسيق مع النظام وأطراف سياسية أخرى، والتي (المؤامرة) انطلقت فصولها الأولى منذ 15 أبريل من العام الماضي، حيث شن النظام هجوما غير مسبوق على موقع ظهر المهراز، باستعمال العديد من فيالق القمع السرية العلنية، والفرق المدربة والبوليس السياسي، واستعمل الهراوات والرصاص المطاطي والقنابل المسيلة للدموع، واعتقل المئات من الطلبة والمناضلين وزج بالعشرات منهم داخل سجن عين قادوس، ناهيك عن الهجوم الإعلامي الخطير و محاولات استهداف القاعديين في ذاتهم، لكن، وبالنظر لتجدر ثقافة المقاومة والمواجهة بالقلعة الحمراء ظهر المهراز، سرعان ما استرجعت هذه الأخيرة عافيتها وواصلت مسيرة التحدي والصمود، والفصل الثاني من المؤامرة تمثل في جريمة إغلاق الحي الجامعي الأول وملحقته "الديرو" و تشريد أبناء الشعب وحرمانهم من حقهم العادل في السكن، وجهز لذلك أسطولا قمعيا رهيبا، وترسانة إعلامية ضخمة، بهدف إعلان ما سموه" نهاية ظهر المهراز"، وحاولوا استهداف العقول البسيطة وأصحاب القناعات المهزوزة لتقبل هذه الفكرة الصهيونية، وتسييدها في أوساط الجماهير الطلابية والطاقات المناضلة، ولم تكن المسألة سوى مسألة وقت حتى نهضت الحركة بقوة عبر المعركة النضالية البطولية، التي دشنها الرفاق والرفيقات إلى جانب الطلبة والطالبات، التي اتخذت أشكالا متنوعة، وصلت مع بداية يناير إلى الاعتصام المفتوح المصحوب بالمبيت الليلي بكلية العلوم، وحيث أصبح هذا الواقع قائما بذاته، بفعل الصمود والتحدي، تدخل النظام بشكل سافر لمرتين، كانت الأولى ليلة الأربعاء 5مارس، والثانية دامت يومين 28،29مارس، وهذان اليومين كان من المنتظر أن تنظم فيهما ندوة بعنوان "حركة 20 فبراير، واقعها وآفاقها، ومهام اليسار الجذري"،
وفي كلتا المرتين تلقت جحافل القمع الهزيمة على يد المناضلين(ت)، والجماهير، وفرت بعيدا عن ساحة 20يناير، ساحة الشهداء، وأمام فشل التدخلات القمعية المباشرة، والأساليب الجهنمية الأخرى، كمحاولات الاختراق وشق الصفوف، وعزل المناضلين القاعديين ومحاولة تجريمهم وإلصاق الشبهات بهم وتشويه سمعتهم في أوساط المناضلين، لم يكن بد من أن تتحرك قوى الغدر والظلام لتنفد جرائمها المعهودة، وهذه الأشياء لطالما ناقشها المناضلون داخل الحرم الجامعي، خاصة و أن النظام و بيادقه الظلاميين في شخص " حزب العدالة والتنمية" الذين يتزعمون حكومته، موضوعين أمام خيار الامتثال لأوامر أسيادهم الامبرياليين، الذين يقفون على رأس "صندوق النقد الدولي" و" البنك العالمي" والقاضية بخوصصة قطاع التعليم عبر تنزيل " المخطط الاستراتيجي"، ولعل خير دليل على ذلك هو تصريح الوزير الظلامي " لحسن الداودي" القاضي بفرض رسوم التسجيل المقدرة ب 2000درهم مع بداية الموسم المقبل، وكان هذا التصريح مساء الثلاثاء 22أبريل 2014، تزامنا مع هجوم أتباعه على جامعة ظهر المهراز، انطلاقا من يوم الاثنين 21 أبريل2014 هذا الهجوم الذي قادته مليشيات مدججة بالأسلحة البيضاء، تسعة أعشارها غريبة عن الجامعة، وقد كنا كمناضلين واعين بحقيقة الهجوم، وقدمنا إخبارات وتوضيحات إلى الرأي العام بخصوص إنزال القوى الظلامية، هذه الأخيرة، حيث أدركت ذلك وبأن المناضلين سوف لن ينساقوا وراء استفزازاتهم وتهديداتهم، شنت وبشكل منظم هجوما على الرفاق والجماهير الطلابية بكليتي العلوم والحقوق، وكان ذلك تزامنا مع تطويق الأجهزة القمعية للجامعة، لترصد المناضلين واعتقالهم وهذا ما تم مساء ذلك اليوم 24/04/2014، باعتقال مجموعة من الرفاق، واستمر هذا المسلسل الى أن جاء اعتقالي يوم الخميس 01ماي 2014.
اعتقلت إلى جانب الرفيق مصطفى شعول، حوالي الساعة العاشرة ليلا بمنطقة باب فتوح، على متن إحدى الشاحنات، وهو الأمر الذي استغله النظام والأقلام المأجورة التي جندت لتلعب أدوارها في المؤامرة ووجهت إلينا اتهامات خطير على شاكلة المحاضر البوليسية الملفقة من قبيل " الفرار" و"التوجه نحو مليلية" و"التخفي داخل الصناديق الكرتونية"...وهذه أشياء معهودة على النظام وعملاءه في استهدافهم للمناضلين الشرفاء.

تم اعتقالنا من طرف فرقة خاصة من "الدرك" مدججة بالأسلحة النارية وبعد تفتيشنا وسلب ما بحوزتنا : حاسوب محمول، ملابس، كتب، نقود(500درهم)...، أجريت الاتصالات مع ولاية القمع، التي أرسلت حوالي 15 عنصرا بزي مدني، وبعد مجموعة من الإجراءات المستفزة سيتم نقلنا إلى ولاية القمع، وكانت الساعة تشير إلى العاشرة والنصف، وسيتم إدخالنا إلى أحد المكاتب، ويطوقنا حوالي 10 جلادين يستفزوننا باحتقار ويشتموننا، وبعدها سيتم نقلنا إلى مكتب آخر، حيث يوجد الجلاد الكبير "عزيز السويري" وبعد إيقافنا أمامه، قام بإطلاعنا على مجموعة من صور الرفاق، ينظر إلينا ويقول :"أكيد كتعرفوني، صحابكوم عاودوليكم عليا، ودابا عندكوم جوج حوايج، يا اما غادي تقولولي كولشي يا إما غادي نسلخ دين امكوم ..." وبعدها أظهر لنا مقالات كان رفاقنا المعتقلين السياسيين قد كتبوها حول ما تعرضوا له من تعذيب على يده خلال السنة المنصرمة وقال" هادشي كولو صحيح، التعذيب والجلاد راهم كاينين عندنا هنا..." وأشار إلي وقال بطريقة استهزائية " اسمع أداك الحلوف، أنت راها عندك فين تجيك، شعول إلى دى سلخة انت تدي ثلاثة...يعني فالمجموع شعول عندو 2 وأنت عندك ستة...ودابا غادي نعطيكوم ساعة واحدة غادي تفكروا فيها مزيان...وعاد غادي نطلعوكوم تقولوا ليناشنو كاين، فاش فكرتو وشنو اختاريتو".
بعدها أنزلنا إلى "لاكاب" وبأمر من الجلاد "السويري" تم وضعنا في زنازين متفرقة، مع تشديد الحراسة علينا ومنع التواصل بيننا، ثم مع معتقلي الحق العام، المتعاطفين معنا كثيرا، على هذا الحال مرت الساعة تلو الأخرى إلى أن حل الصباح دون أن يعرف النوم إلي من السبيل وحوالي الساعة العاشرة صباحا تمت المناداة علي، وبعد التقاط مجموعة من الصور تم تصفيدي إلى الخلف، و إصعادي إلى مكتب الجلاد " عزيز السويري" حيث تم إجلاسي على الأرض وأنا مطوق بالجلادين، والسب والشتم، بقيت حوالي ساعة على هذا الحال، وبعدها صرخ في وجه أحد الجلادين "العلوي جيب هاديك"، فاستخدم "هراوة" غليظة، وانهال علي بالضرب المبرح تارة على صدري وتارة على ظهري ، وبقي على هذا الحال حتى خارت قواي، ليتوقف عن ذلك قليلا، ثم عاود ذلك مرة ثانية حتى أغمي علي، وبعد ذلك سيلجأ إلى أسلوب آخر يسمى "تمديد الأطراف" حيث تم تثبيت عصا تحت ركبتي، وبدؤوا يمددون يدي إلى الأمام وإلى الخلف، لدرجة أحسست معها أنهما ستنفصلان عن جسدي " كانوا يفعلون ذلك وهم يحاولون أن ينتزعوا مني تجريم رفاقي وتسهيل ضرب النهج الديمقراطي القاعدي على النظام.
وبعد فشل جميع هذه الأساليب، سيلجئون إلى أسلوب إجرامي آخر هو الضغط علي وابتزازي عن طريق العائلة، وحيث قال بالحرف " إلى مدويتيش غادي نجيبوا ديك القح...دختك لهنا نتكرفصوا عليها ونتا كتشوف" فأجبتهم بالحرف الواحد "ديروا ليبغيتوا أنا معندي منقولكم" ليتم إنزالي ووضعي في "صطافيط" رفقة عناصر بزي مدني بالإضافة إلى "صطافيط" أخرى من الخلف، كانت الوجهة هي منزل أسرتي، حيث تم التوقف قريبا منه، وانطلقوا كالوحوش فاقتحموه وعبثوا به واختطفوا أختي من بين أحضان أمي وتركوا هذه الأخيرة مغمى عليها، فوضعوها إلى جانبي داخل "الصطافيط" وأعادوني إلى ولاية القمع، وسيقول لي الجلاد "السويري": "شنو دابا غادي تهدر وللا...راك عارف شنو راحنا قادين نديرو "فأجبته" "لقد اعتقلتم أختي، اذهبوا واعتقلوا أمي وأبي، واعتقلوا الكل، ماعندي منقول ليكم" ،ليدخل في حالة هستيرية و ينطلق في الضرب والصفع والركل بمختلف أنحاء جسدي، وبعدها سيتدخل جلاد آخر، خاصة بعد أن حاولوا إيقافي لكنني سقطت على الأرض من شدة التعذيب وقال له " باركا عنداك المصيبة تمشي توقعليه شي حاجة..." " صافي عمر على دين مو مزيان، وقادلوا شي محضر هو هداك وسايفطوا يغراق..."،وفي حدود الساعة التاسعة ليلا تم إرجاعي إلى القبو "لاكاب" فوجدت أختي بالزنزانة الخاصة بالنساء وهي في حالة يرثى لها، سرقت بعض الوقت لأتحدث معها، وأرفع معنوياتها وأطمئنها وفي الحقيقة فاجأتني، حيث عبرت لي عن استعدادها لتقديم أي تضحية وسألتني هل توصلت بالأكل والسجائر التي أرسلوها إلي، فأجبتها بالنفي، وعلمت أن الكلاب البوليسية قد نهبتها وحرمتني منها.
وفي صباح يوم الغد تم نقلنا نحو "محكمة الاستئناف "، ليقرر "قاضي التحقيق"، وضعنا أنا والرفيق الآخر رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن عين قادوس بفاس، الى جانب باقي الرفاق، لننضاف إلى سجل المعتقلين السياسيين بالمغرب، ولتدون أسماءنا في قائمة من نالوا شرف الاعتقال من أجل قضايا شعبنا الكادح، ونحن فخورون بذلك، مادام الطريق إلى الحرية الحقيقية يمر عبر سراديب و زنازين الاعتقال، والسجن بدوره واجهة حقيقية للنضال ولتفجير المعارك النضالية وهذا ما انطلقنا فيه منذ دخولنا السجن والمستقبل يحفل بالكثير.

قد تستطيعون قطف كل الزهور، ولكن لن تستطيعوا مهما حاولتم وقف زحف الربيع
المجد والخلود لشهداء الشعب المغربي
الخزي والعار لقوى الغدر والظلام
الخزي والعار لمن ارتد وخان

الحرية لكافة المعتقلين السياسيين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق