السجن المحلي عين قادوس بفاس في:10 ماي 2013
الاسم الكامل: يوسف بوعرفة
رقم الاعتقال: 83101 - T9
إلى كل المناضلين والمناضلات، والرفاق والرفيقات، وباقي الرأي العام.
شهادة حول التعذيب
بداية جديدة لفصل جديد، بعدما وطأت قدماي أرض هذه المدينة المتناقضة. عشية يوم الاثنين توجهت إلى الحي الجامعي، وفي علمي المواجهات التي دارت مع قوى القمع، وما خلفته من آثار إيجابية لصالح الطلبة.
في صبيحة يوم الثلاثاء وعلى الساعة التاسعة صباحا، توجهت إلى كلية الآداب قصد تفقد الأحوال، وجحافل القمع مطوقة لجوانب الساحة، وكل الهوامش الملحقة، وصلت أمام الكلية وسط حيرة عارمة، وقلق أثار الشك في نفوس تلك اللجنة التفتيشية، بعد وقوفي أمامهم لبرهة وقد ترددت في الدخول، وهنا بدأت المشكلة فبعدما قدمت أوراق ثبوت الهوية، مررت ولم أبتعد إلا بخطوتين، حتى تم القبض علي وتفتيشي مجددا، واقتادوني إلى سيارة القمع قصد التأكد من هويتي، فبعدما تواريت عن أنظار العامة من الناس، صفعت بشدة على وجهي، قاموا بتصفيدي ثم دفعي إلى سيارة القمع التابعة لهم. وبطبيعة الحال مع المقبلات والعصائر المتنوعة من الصفع واللكم والدفع، مصحوبة بشتى أنواع عبارات الاحترام والتقدير التي لم أتعود سماعها في وسط الحرم الجامعي، والتي تعبر عن مستواهم الرفيع في قلة الأدب والاحترام، والتي لا يشرفني أن أكتبها ولا حتى التعبير عنها، هذا مع العلم أنهم لا يحاولون إلا تنفيذ مضامين (((الدستور الجديد))) لمغرب "الحداثة والديمقراطية"، لنصل بعد ذلك إلى الاحتفال الكبير الذي استقبلنا به في "ولاية الأمن" وهنا تم تقديم باقي الوجبات المتنوعة كما دأبوا على تقديمها لكافة الطلبة المعتقلين، من سب ورفس ولكم وشتم، وصفع واهانات، ستخلف آثار وخيمة في نفسية كل معتقل حسب تربيته.
وعلى خلاف الدول المتقدمة التي تبحث عن الأدلة الدامغة، هنا يتم دمغنا ليحققوا الأدلة، وبعد جميع المحاولات التي قدمت كأدلة عن براءتي، فما وجدت غير أساليب قمعية تحاول إدانتي بالقوة والضرب والسب والشتم، فعلمت آن ذاك أنني في بلد "الديمقراطية"، فلم أحاول مجددا لما لقيته من صد. أنزلت إلى القبو "لكاب" مع المتهمين المتابعين في قضايا الحق العام. فبعد حجز أغراضنا الشخصية ومن بينها خيوط الحذاء، وذلك قصد تفادي "الانتحار"، وهنا نستحضر خوفهم من أن يؤذي المعتقل نفسه وتورطهم في ذلك، وبهذا يريدون قمعنا وقتل روح النضال فينا، وبعث رسائل لمن هم مثلنا، دون تكبدهم خسارة في الأرواح، وضربهم عصفورين بحجر واحد: كبحهم للفعل النضالي، وعدم متابعتهم من طرف هيئات ومنظمات حقوقية. وبعد سجننا جلست أتأمل والآلام تسري في جسدي، فأحسست بانتفاخ في رقبتي وظهري، وآلام في عيني من كثرة الضرب. ولا أخفيكم أن جميع الأفكار راودتني في تلك اللحظة (دراستي، والدي، معارفي، ...) ولأني أكلت حتى (الشبع) لم أفكر في الجوع الحقيقي الذي ضللت عليه لمدة يومين في زنزانة الولاية، وهناك كل شيء بالوقت، حتى قضاء الحاجة البيولوجية في المرحاض ولكم أن تتخيلوا المرحاض بالوقت الذي يختارونه ويناسبهم هم.
بعد قضائي يومين من "الاستضافة" تم نقلنا في سيارة قمع واحدة، بما قدره 25 إلى 30 شخص، في مساحة قدرها 3,5m² وأنتم ترون سيارات القمع ولكم الحكم، توجهوا بنا نحو المحكمة الابتدائية في جو خانق، نكاد لا نتنفس فيه، وبعد وصولنا مثلنا أمام "وكيل الملك" هذا بطبيعة الحال مع ساعات من الانتظار المرير، وسط زنزانة مليئة بكل شروط التعسف، وكل من مر بها منذ بداية استخدامها (زنازن المحكمة) إلا ويضع بصمته من قضاء الحاجة البيولوجية فيها لعدم وجود المكان المخصص للعملية، ولكم أن تتخيلوا المعاناة من ضجيج المتهمين ...، وصولا إلى الروائح المتراكمة.
بالرجوع إلى "الوكيل" سألني أسئلة شخصية (الاسم، العنوان،...)، وهل التهمة ثابتة في حقي أم لا، بمعنى هل أنفي أم أعترف. اعترفت بشيء واحد، أنني لم أرتكب جرما، وأني لست نادما مهما جرموني، ولو حكموا بأقصى العقوبات، لا يهمني إلا صفاء ضميري، ونبل القضية التي أدافع عنها، حكم "بالاستشارة". بعد ذلك أحلنا أنا وباقي الطلبة الآخرين أمام الرئيس، طلب مني الاختيار بين توكيل المحامي، أو أرافع عن نفسي، اخترت الأول، بعدها اعتقلنا اعتقالا احتياطيا. لتتكرر المعاناة مع نقلنا كالحيوانات إلى سجن عين قادوس، تم استقبالنا من طرف رفاقنا المعتقلين وذلك بعد الإجراءات الإدارية المضنية، ثم زجوا بنا في السجن مع باقي معتقلي الحق العام، في جناح اسمه "التوبة" الزنزانة الخامسة، أقسم لكم بالله لن تصدقوا ما سترون إذا دخلتم لأول مرة، 76 شخص في زنزانة واحدة لا يتعدى طولها 10 أمتار، وعرضها 4 أمتار، ويتم فيها كل شيء من أكل وشرب ونوم وصلاة وشرب المخدرات، والله كنت لا أجد مكانا أجلس فيه، هذا مع خصم مساحة "الطواليط" وفيه مكان النفايات أو ما يصطلح عليه "لݒتية"، هنا أيها الرفاق لن تصدقوا حجم المعاناة التي عانيناها في تلك الأيام الأربع، في تلك الزنزانة قبل تحقيقنا لمطلب الجمع في زنزانة واحدة مع باقي الطلبة، وذلك بعد صراع مع الإدارة المعروفة بأسلوبها الشائع والمعروف من تماطل وتسويف، والمتاهات بين مسؤولية السجانين. واسمحوا لي إن كنت أطلت عليكم ولم نذكر ما في السجن بشكل مدقق، نظرا لعدة اعتبارات: من بينها أنني أتألم في كل لحظة أتذكر فيها ما جرى لي، وأنا بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، زد على ذلك أن كل ما حدث ويحدث وسيحدث سندرجه في تقارير لاحقة.
وإلى هنا أحييكم تحية نضالية عالية، في إطار منظمتنا العتيدة، الاتحاد الوطني لطلبة المغرب
وأحييكم بتحية النضال لكافة الجماهير الطلابية الصامدة
ودمتم ودمنا للنضال والفداء أوفياء
ملحق: توضيح لابد منه
المعتقل السياسي: يوسف بوعرفة
رقم الاعتقال: 83101
ملحق لشهادة التعذيب
- توضيح لا بد منه -
قبل اعتقالي بأشهر، وخلال الفصل الدراسي الأول كنت على صلة بإحدى "المناضلات" المسماة لطيفة .. المنتمية سياسيا إلى حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"، ولأني شغوف بالجانب السياسي، كنت أحاول فهم مجموعة من القضايا السياسية المطروحة على أرض الواقع، وكنت أفكر بتأسيس جمعية اجتماعية برفقتها، تهتم بالقضايا الاجتماعية الصرفة، "جمعية الأوراش المغربية للأعمال الاجتماعية" فبعد اعتقالي ربطت الاتصال بي وطرحت علي مجموعة من الأشياء، وعرضت علي عرضا، القبول به معناه خروجي من السجن، إذ قالت لي: بأنها ستقوم بكتابة بيان تضامني مع الطلبة المعتقلين ومن بينهم الطالب يوسف بوعرفة مناضل "الشبيبة الاتحادية – القطاع الطلابي" بعد هذا العرض/المساومة والتفاوض بقضيتي كمعتقل سياسي، ومن باب الوضوح والمبدئية والمسؤولية والنضج، طرحت الموضوع لرفاقي من داخل الزنزانة، فتم التفاعل من كل الزوايا وبشكل مستفيض، اتضح لي أن الجمعيات (أو على أغلبها) ليس لها أدنى استقلالية أو طابع اجتماعي صرف، وأن السياسية طرف ثالث في كل معادلة، وأن طريق جهنم مبلط بالنوايا الحسنة، وبهذا أؤكد للجميع على أنني مناضل من داخل الحركة الطلابية والاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ومعتقل سياسي لأوطم ولكل الشرفاء. كما أقول لهؤلاء مزيدا من النضج والمسؤولية والمبدئية في التعاطي، والابتعاد عن الاسترزاق السياسي على أبناء الشعب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق