السبت، 22 مارس 2014

عنبر . مناضل قاعدي :" ما أكثر الذين يطوفون حول المرق الساخن"


عنبر . مناضل قاعدي
" ما أكثر الذين يطوفون حول المرق الساخن"
هي لوحة تاريخية لازمت الحركات المناضلة والقوى الثورية عبر التاريخ، والفرق فقط هي في كونها تتراقص على الشاشة بمشاهد مختلفة، هي انعكاس لتبدل وتطور شروط الصراع من مرحلة لأخرى ومن شروط (ذاتية وموضوعية ) لأخرى  حسب خصائص كل حقل من حقول الصراع أو بلدان بعينها.
خصائص اللوحة تتقوم في ما يلي: في كل مرحلة يجتازها الصراع، سواء لحظة النكوص والتراجع، او لحظة التطور والتقدم، يداس البعض تحت عجلة الصراع وينزاح إلى الهامش، إلى المزبلة، فيصبح يحوم حول حافة الفعل ولعابه يسيل حول المواقع المتقدمة، إذ يحلم بجنازتها كما يحلو بعيد من الاعياد، وتكتسيه بعض الاوهام في فترات ما، نتيجة شذرات الافكار والمعطيات المغلوطة القادمة من مخابرات النظام بشكل أو بآخر، فيظن انها اللحظة المناسبة للنيل من قلاع الصمود، لكنه ما أن يحاول الإقتراب حتى تحرقه نيران الصراع المشتعلة فيعود إلى المكان الذي يليق به ويستشيض غضبا، ويلقي باللائمة على الذين يوقدون فتيل الصراع ضد العدو الطبقي وكل من يدور في فلكه، او الذين يسيرون في الطريق إلى ذلك، فيمطرهم باتهاماته المجانية المشبوهة.

إن أحد النماذج المسجدة لهذا القول، هي إحدى الترهات التي نشرت على شبكة التواصل الاجتماعي " فايسبوك  " ، مباشرة بعد القافلة التضامنية الوطنية التي نظمتها لجنة المعتقل نحو المعتصمين بكلية العلوم ظهر المهراز، والتي عرفت نجاحا نضاليا متميزا، واختار صاحبنا كعنوان لترهاته إحدى الشعارات المبصومة على جدران ساحة 20 يناير بظهر المهراز، وهو شعار" صمودا الان ، صمودا دائما... حتى النصر"، لكنه نسي شعارات أخرى مكتوبة إلى جانب نفس الشعار ، كالشعار الخالد " الشعب يريد إسقاط النظام" و" 20 فبراير انتفاضة شعبية... لتغييرالنظام قيادة ثورية" و...، بل إنه نقل الشعار محرفا، لان التحريف صار جزءا من كيانه، وهو اسلوبه في الحياة.
لن أسير في اتجاه نقاش ما صدر عن صاحبنا من أقوال ما دامت كلها سموم تنز منها رائحة المخابرات، وبعيدة كل البعد عن ملامسة الواقع، لكنني سأطرح أفكارا علها تفيد البعض والطاقات المناضلة والجماهير باعتبارهم المعنيين المباشرين بالموضوع.
إن من أحقر الاعمال هو أن يسير الفاعلون الحقيقيون في ساحات الصراع، يقودون الجماهير في معاركها، إسهاما ومراكمة نحو المعركة الطبقية الشاملة، التي لن تقوم لها قائمة إلا بدك أسس البنيان الإقتصادي والاجتماعي و السياسي القائم، بينما يقف آخرون في الهامش، على حافة الفعل أو في مؤخرته، يحملون قلما أحمر ويقتفون أثر الحركة والفعل الميدانيين. وعلى مقاساتهم المحكومة بخلفيات مسبقة، يخطون ويؤشرون كما طاب لهم، ويصنفون في خانة الأخطاء أو الاعوجاج أو الانحراف و... بل حتى الاتهام "بالخيانة" و " التبوليس" و"الارهاب" وغيرها من الاتهامات الشبيهة باتهامات محاكم التفتيش... وحتى وإن سلمنا باتهاماتهم، فإننا سنسقط في ضرب أحد أسس المنظور الماركسي للممارسة السياسية على أرضية المصالح الطبقية، والمتمثل في قولة" من يمارس يخطأ، والخطأ الأكبر هو أن لا نمارس".
إنه ليست هناك أية جدوى تذكر من تعقب  أثر الحركة والبحث عن الأخطاء، لأن ذلك من سمات العقل العديم الحياء، الذي يفضل دور الناقد الهدام عوض المناضل الفاعل المبدع الخلاق.
إن مع تطور الصراع، وتعقد الشروط، وتزايد صعوبات المهام وتعقيداتها، وفي أوقات يكثر فيها التقاعس فتتراكم المهمات عوض الانجازات، يكون المطلوب من باب الواجب والمسؤولية النضاليين، ليس إيجاد أجوبة جديدة لمشكلات قديمة، او ترديد سمفونيات ممسوخة أصبحت محفوظة ومشهورة على شاكلة وجبة " الفول المدمس"  عند الشعب المصري، وإنما تغيير طريقة وأسلوب معالجتنا للإشكالات بعد أن أخفق الاسلوب القديم، وخير أسلوب،  الذي هو أسلوب المناضلين المبدئيين، هو  الارتباط والالتزام بالمهمات النضالية التاريخية والمستجدة التي تواجهنا،  واليوم، وفي هذه اللحظة التاريخية، كل المبدئيين والمخلصين مطالبين في المقام الأول بالالتزام المبدئي وبالتفاعل الحقيقي حول المهمات التي يفرضها واقع الصراع، وآليات وسبل التقدم في إنجازها، لأن ذلك هو المسلك الوحيد الذي يتيح لجميع المعنيين بقضايا الشعب، قضايا التحرر والانعتاق، الاسهام في تجاوز أوضاع الصراع الحالية وتحقيق نقلة هامة في المسار إلى الامام، وذلك مرهون أيضا بخوض صراع مكشوف وواضح ضد طروحات الردة والاستسلام، وضد الممارسات والمسلكيات التخريبية وثقافة " الشفوي الخاوي والصراع في المقاهي " التي تغيب فيها المسؤولية ومن ثم تصعب المحاسبة على أرضيتها، وبالمقابل أيضا ينبغي تجاوز كيل المديح الديماغوجي للتنويم أو إصدار قرارات الاتهام.
إن المسألة  تكمن وبكل بساطة في فك اللغز، وليس الاكتفاء بترديد اللغز، أي أنها تكمن في حل إشكالات الصراع وتقديم جواب لها في الواقع، وليس معالجة الاشكالات الكامنة في العقول البائدة، وخلاصة القول : من لم يكفيه قلم أحمر واحد فليقتني أقلاما أخرى، و القافلة تسير والكلاب تنبح.

                                                       عنبر . مناضل قاعدي
في 18 ـ مارس 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق