فاس في :
18-08-2014
رفاق الشهيد مصطفى مزياني:
المعتقلين السياسيين بسجن النظام الرجعي عين قادوس
"هكذا نحكي كيف عشنا أخر الأيام إلى جانب رفيقنا و شهيدنا مصطفى مزياني
"
)تقرير: للحقيقة و التاريخ(
عشت مناضلا صلبا، وفارقتنا شهيدا بطلا، رمزا للإخلاص و للنقاء الثوريين، و نبراسا يجسد معنى التضحية و نكران الذات، فارقتنا، والذاكرة ملئ بصور حية للحظات و أيام، وشهور و سنوات قضيناها معا في معمعان الصراع الضاري ضد النظام و أجهزته، وضد القوى الظلامية و الشوفينية و البلطجية و طروحات الردة و التحريف، إلى جانب آلاف الطلبة و الطالبات من أبناء شعبنا، منهم المتعاطفون (ت) و الأوطاميون(ت)، ... من صلبهم خرجنا، ومنهم تعلمنا معنى التضحية و الوفاء، تعلمنا كيف نسير مرفوعي الرؤوس، على طريق الشهداء، على طريق لا يسلكه كائن من كان، يحرق بجمره كل متخاذل جبان.
في سياق مواجهة مؤامرة إقبار توجهنا المكافح، النهج الديمقراطي القاعدي، وضدا على قرار طردك، باشرت معركة الإضراب المفتوح عن الطعام يوم
03 يونيو 2014، بكلية العلوم إلى جانب الرفاق و الرفيقات و الجماهير الطلابية.
على اثر سقوطك في حالة إغماء حادة (التي سبقتها حالات إغماء عديدة)، يوم 07 يوليوز، وأنت في اليوم
35 من
معركة
الأمعاء
الفارغة،
نقلت
إلى
المستشفى
الجامعي (CHU)، هناك تم اعتقالك، ونقلت إلى ولاية القمع وأنت في هذه الحالة الخطيرة يوم
10 يوليوز،
وأخضعوك
للاستنطاق،
وفي
يوم
الغد 11 يوليوز، قدمت لمحكمة الاستئناف بملف مطبوخ وتهم صورية و ملفقة، ليتم الزج بك إلى جانبنا بسجن عين قادوس. اعتقالك هذا كان تفنيدا قاطعا، للسيناريو المحبوك الذي أخرجته النيابة العامة، كفصل من فصول المؤامرة وتضليل الرأي العام، عبر تصريح الوكيل العام لمحكمة الاستئناف، الذي قال فيه بأنك لست رهن الاعتقال بالمستشفى، و إنما تخضع للتطبيب بإشراف من طاقم طبي.
استقبلناك بحرارة، في مساء يوم الجمعة
11 يوليوز 2014، بساحة السجن، اذ أطللت علينا بابتسامة مشعة وجسد نحيل نال منه الإرهاق و التعب من مخلفات الإضراب عن الطعام وأنت في اليوم
39 منه،
وفي
صبيحة
يوم
الاثنين 14 يوليوز، تقدمت بإشعارات إلى كل من إدارة السجن، والمندوبية العامة للسجون والوكيل العام لمحكمة الاستئناف، تفيد باستمرارك في الإضراب عن الطعام، متضمنة مطالبك: اطلاق السراح الفوري، التسجيل بالكلية وإلغاء قرار الطرد، الزيارة المفتوحة، التطبيب، التغذية، الاستحمام،
...، في مساء نفس اليوم زارك نائب الوكيل العام، وقدم لك مجموعة من الوعود حول تحقيق مطالبك، كانت وعودا كاذبة تبخرت بمجرد مغادرته السجن، أما إدارة هذا الأخير فلم تحرك الساكن في هذا الاتجاه، اللهم الاستفزاز والتشكيك في الإضراب عن الطعام، فلا و لن ننسى ذلك اليوم الذي استفزك فيه طبيب السجن وهو يبقر بأصابعه على بطنك مشككا في معركتك. ولن ننسى كذلك ذلك اليوم الذي سقطت فيه مغمى عليك، وبدأنا ننقلك من مكان إلى آخر، إلى أن وصلنا إلى مصلحة التشخيص القضائي، فاستفزنا أحد الموظفين وطالب أحد الرفاق بإحضار الميزان قصد وزنك!!؟، ولن ننسى تملصهم وتعنتهم ورفضهم لأي حوار معك، بداعي أن مدير السجن قد تغير بالمؤسسة، ولم يجروا معك أي حوار.
كانت حالتك الصحية تسوء يوما بعد آخر، وبالموازاة تزداد معنوياتك ارتفاعا، أصبحت دائم التقيؤ، لا يخرج من جسدك غير الدم الممزوج بعصارة صفراء اللون.
وفي
يوم
الأربعاء 16 يوليوز، أصبت بحالة إغماء شديدة، وبعد احتجاجنا على إدارة السجن، تم نقلك إلى المستشفى هناك حقنوك بالسيروم، وبطريقة وحشية، مما أدى إلى انتفاخ في يدك اليمنى بكاملها، كما كان الدم يسيل منها، مما سبب لك ألاما حادة ضاعفت معاناتك، وفي يوم الغد الخميس 17 يوليوز
2014 أخرجناك
محمولا
إلى
مكتب (رئيس المعقل)، حيث كان يتواجد الطبيب الذي اكتفى بمراقبتك وتسجيل بعض المعطيات حول حالتك ( نسبة السكر 0,76g/L ، الضغط 11/6، الوزن 53kg ) وحيث استفسرناه حول حالتك، وما أصابك من انتفاخ في يدك، أجابنا متهكما "أنتم من أردتم ذهابه إلى المستشفى
".
في صباح اليوم الموالي، لاحظنا تدهورا خطيرا لحالتك الصحية، اتجهنا نحو المصحة لإحضار طبيب السجن الذي رفض الحضور إلى الزنزانة، وعند إصرارنا، حضر معنا وراقبك بطريقة عادية:
قياس
الضغط 11/6، ونسبة السكر(0,7 g/L )
والوزن 52 kg، وفي اليوم الموالي اكتفى بإرسال احد الممرضين الذي قام فقط بتلك العملية الروتينية وسجل المعطيات ) نسبة السكر g/L
0,6، الوزن 51kg ، الضغط 5/10) وانسحب .لكن في مساء ذات اليوم السبت 19 يوليوز أصبت بحالة إغماء حادة، ليتم نقلك إلى مستشفى
"ابن
الخطيب"، ووضعوك في غرفة عادية، خالية من التجهيزات الطبية، ما عدا قارورة السيروم، حتى أنك حرمت لعدة أيام من الأغطية ومن الزيارة العائلية، في ضل حراسة قمعية مشددة، وأنت مصفد إلى السرير.
في كل يوم كنا نستفسرهم عن حالتك، كانوا يجيبون بأن حالتك مستقرة وحالما تتحسن سيعيدونك إلينا، كنا دوما نحتج من اجل نقلك إلى المستشفى الجامعي، وكانوا يتدرعون بكونهم طلبوا ذلك، لكن إدارة المستشفى الجامعي تجيبهم بانه ليس لديها مكان لاستقبالك،
(manque de place)، ولديها نقص في الأسرة.
بقيت على هذه الحالة، وأنت وحيدا مصفدا إلى السرير، تعاني الإهمال والحصار، لأزيد من أسبوعين، إلى أن تدهورت حالتك الصحية بشكل خطير، ووصلت إلى حالة الموت السريري، أصبت بالشلل التام، لا تقوى على الكلام، فقدت السمع والبصر، آنذاك فقط، وبحضور المدير الجهوي و
"المسؤول
عن
سلامة
السجناء" وطبيب السجن، تم نقلك إلى قسم الإنعاش بالمستشفى الجامعي، تم ذلك في مساء الاثنين 4 غشت
2014، لقد كان استشهادك تحصيلا حاصلا منذ ذلك الوقت، وكلما أقدموا عليه من إجراءات كانت فقط بهدف طمس جريمتهم، في انتظار اللحظة المناسبة لإعلان استشهادك، وتم ذلك مساء الأربعاء 13 غشت.
الإدانة وكل الإدانة للاغتيال السياسي المنظم، الذي تعرضت له رفيقنا الغالي، من
طرف النظام و
أجهزته القمعية، والقوى الظلامية) حزب العدالة و التنمية(
وإدارة كلية العلوم بظهر المهراز، و إدارة سجن عين قادوس وإدارتي مستشفى "ابن الخطيب" و "المستشفى الجامعي".
لن ننساك أبدا شهيدنا البطل، لن ندع جريمتهم تمر في صمت، أنت حي فينا، قلبنا ينبض بك، ووجداننا يهتف، مناشدا فيك وبك حرية وخلاص شهيدنا المقاوم.
منا الوفاء ولك المجد والخلود رفيقنا مصطفى مزياني.
كن مطمئنا يا شهيد...
عن دربك لن نحيد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق