من "حذر" بالشوارع، إلى حظر بالجامعات
(تتمة)
حول "مقترح
قانون محاربة العنف بالجامعات و المؤسسات التعليمية و الأحياء الجامعية"
"حذر" الشوارع و حظر
الجامعات وجهان لعملة واحدة:
باعتبار
الحركة الطلابية رافدا من روافد حركة التحرر الوطني، و جزءا لا يتجزأ من الحركة
الجماهيرية، فإسهاماتها النضالية تصب في منحى تحرر الشعب المغربي، و خلاصه من قيود
التبعية و الاستعمار و الرجعية. لذلك فهي تنال قسطا وافرا من البطش و القمع
الأسود، و جرائم الاعتقال و الاغتيال السياسيين، و المؤامرات المحبوكة بدرجة عالية
من الدقة، و محاولات الجر إلى مستنقع المهادنة و الاستسلام من طرف القوى الإصلاحية
و الأطراف المراهنة على العمل معها تحت عناوين عدة ( الوحدة، الحد الأدنى
التوافقي، ...)، بهدف اجتثاث خط و وعي كفاحي متجذر داخلها، و تحويل إطارها المنظم
إلى جسد مشلول و مجرد قطعة لترتيب الأثاث الداخلي للنظام (إطار فارغ من أي مضمون
كما حصل مع الإطارات النقابية الأخرى)، تكرس داخله كل أشكال الميوعة و التفسخ و
الشعوذة، و الإذعان التام لكل المخططات الطبقية في قطاع التعليم. و ما سلسلة
"القرارات" و "الإجراءات" المتعاقبة على امتداد تاريخ الاتحاد
الوطني لطلبة المغرب إلا دليل ساطع على ذلك (سنعود ببعض التفصيل لهاته القرارات في
المحور الأخير)، و "أوطم" تعيش الحظر العملي المفروض عقب فشل المؤتمر
الوطني السابع عشر سنة 1981، و يتعمق يوما بعد آخر، خصوصا و الدور الريادي للحركة
الطلابية في المعارك و الانتفاضات الشعبية المجيدة، لنصل اليوم إلى مشروع
"قانون محاربة العنف بالجامعات و المؤسسات التعليمية و الأحياء
الجامعية" كآخر ما أبدعه التحالف الطبقي المسيطر، بعد تحضير مسبق و عمل دؤوب
على خلق شروط مواتية لتفعيله، نذكر أساسا مؤامرة إقبار النهج الديمقراطي القاعدي
ــ 24 أبريل 2014 ــ ، بغية إفراغ الحركة الطلابية من أي مضمون كفاحي و محاولة فتح
الباب على مصراعيه أمام المتاجرين بمصالح الشعب لتسييد ثقافة الانبطاح و الخنوع و
الاسترزاق المقيت.
على غرار مخطط "حذر"، يدخل
مشروع "قانون محاربة العنف بالجامعات" في إطار حالة "الاستثناء"
المفروضة بالمغرب و لو لم يتم الإفصاح المباشر عنها، إلا أن كل المظاهر و
الإجراءات تؤكد و بما لا يدع مجالا للشك هذا القول. فالشوارع تحولت إلى ثكنات
عسكرية مملوءة بالجند و الآليات العسكرية، تمارس فيها كل أشكال القمع و المنع و
التضييق و الحصار في حق كل الإطارات المناضلة و عموم فئات الشعب، و السجون ملئ
بالمعتقلين السياسيين (معطلين، طلبة، مناضلي حركة 20 فبراير، معتقلي الانتفاضات
الشعبية، ...) و أجهزة المخابرات تنتشر في كل رقعة و بقعة، تنشر الرعب و تعمد إلى
زرع الجواسيس و العملاء لاستهداف الحركات و التنظيمات المناضلة و خلق القلاقل و
الفتن. و الجامعات بمرافقها ليست أفضل حالا، حيث لا يكاد يمر يوم دون تسجيل
اقتحامات و تهديم و تنكيل و اعتقالات في صفوف الطلاب، هذا دون نسيان الإجراءات
القمعية المفروضة بالأحياء الجامعية، الشبيهة "بالنظام العسكري" ، و
استهداف المناضلين/ت و الطاقات الدينامية بالاعتقالات و الاختطافات و محاولات
الاغتيال (الدهس الذي تعرضت له إحدى الرفيقات و طالبة أخرى بظهر المهراز عن طريق
سيارة بالساحة الجامعية)، لينضاف هذا "القانون"/المخطط الصهيوني إلى
باقي المخططات التي تهدف إلى التخلص النهائي من الحركة طلابية التي شكلت و تشكل
الرقم الصعب في معادلة الصراع الطبقي ببلادنا، إذ وقفت في زمن الانبطاح سدا منيعا
أمام مخططات النظام، وتعتبر مساهمتها حلقة ضرورية في سيرورة نضال
الشعب المغربي من أجل التحرر والانعتاق من قبضة النظام الديكتاتوري بالمغرب، و
الاستعاضة عنها بكيانات هجينة تشكل منجما يغذي البوتيكات السياسية المسبحة بحمد
النظام و مخططاته، التي تلتف حول أكاذيبه و تمارس الدعاية لها.
يراهن النظام القائم على "قانون
محاربة العنف بالجامعات" ليكون القشة التي ستقصم ظهر الحركة الطلابية. فكيف
ذلك ؟؟؟
قراءة في مقترح "قانون محاربة
العنف بالجامعات"
تاريخ الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، هو
تاريخ إطار طلابي مكافح و مقاوم، صمد لما يقارب ستة عقود من الزمن، هو جزء من
التاريخ المشرق و الحقيقي للشعب المغربي، تاريخ المقاومة المسلحة و جيش التحرير،
تاريخ الانتفاضات الشعبية المجيدة، تاريخ مليء بالتضحيات و نكران الذات. هو نفسه
التاريخ الذي حاول خلاله النظام جاهدا تصفية كل ما من شأنه تعكير صفوته، و تفويت
الفرصة أمامه للمزيد من النهب و الجثو على صدور كداح الوطن، فانبرى مع بداية
الاستقلال الشكلي لتصفية ما تبقى من المقاومة المسلحة و جيش التحرير، و توالت
قوافل المختطفين و المنفيين و الشهداء بعد ذلك (شهداء و معتقلي الانتفاضات الشعبية
المجيدة، مناضلي التنظيمات الثورية للحركة الماركسية اللينينية المغربية، ...)، و
لم يكن النظام القائم ليستثني الحركة الطلابية من إنجازاته العظيمة في إراقة
الدماء و الأسر و النفي، غير أن لغة القمع وحدها لم تكن لتفي بالغرض دون تغطيتها و
تغليفها و إرفاقها بهذا "الظهير" أو ذلك "الحكم" أو
"القرار" أو حتى "القانون"، و بالعودة لتاريخ أوطم سنجد
العديد من هاته "القرارات و الظهائر و القوانين" التي كانت تزداد
شراستها مقابل كل انعطاف نوعي في تاريخ الحركة الطلابية، و سنرصد بإيجاز أهم هاته
القرارات/المؤامرات وفق تسلسلها الزمني وصولا إلى مقترح "القانون"
الصهيوني الأخير:
√ سنة 1962: تواطؤ النظام مع "حزب الاستقلال"
عبر خلق تنظيم مشبوه يدعي تمثيليته للطلبة هو "الاتحاد العام لطلبة
المغرب" (و هو ما عرف في الأوساط الطلابية بالاتحاد العام لطلبة
الصفر/البوليس).
√ 21 يونيو 1964: إصدار وزير الداخلية لقرار يمنع بموجبه
انضمام التلاميذ لأوطم.
في نفس
السنة سترفع دعوى قضائية لحل أوطم بدعوى عدم مطابقة قانونه التأسيسي لمقتضيات قرار
21 يونيو 1964، سيتم التراجع عنها ـــ الدعوى ـــ (بعد إضرابات تجاوزت الشهرين
للتلاميذ و الطلبة خلال أكتوبر) من خلال حكم المحكمة لصالح أوطم بإبطال الدعوى في
دجنبر 1964.
√ دجنبر 1964: إصدار ظهير يلغي ظهير 1961 الذي كان يعتبر
أوطم جمعية ذات منفعة عامة.
√ مناظرة إفران 1970 التي عقدها النظام لكسر شوكة الحركة
الطلابية، و فصل بموجبها رسميا نضال التلاميذ عن نضال الطلبة (و قد شارك فيها طلبة
"التحرر و الاشتراكية" بعد انسحابهم من المؤتمر الوطني الثالث عشر).
√ ماي 1970: استدعاء 15 عضوا من قيادة أوطم من بينهم
أعضاء في اللجنة التنفيذية للخدمة العسكرية.
√ 24 يناير 1973: إعلان الحظر القانوني على الاتحاد
الوطني لطلبة المغرب و حملة الاعتقالات الهوجاء التي طالت جل قيادات المؤتمر
الخامس عشر (نونبر 1978 سيتم الإعلان الرسمي عن رفع الحظر القانوني).
√ الحظر العملي على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب مباشرة بعد
فشل المؤتمر الوطني 17 : فمن الاعتقالات و المطاردات، و إغلاق مقرات أوطم، إنزال
جهاز الأواكس، دعم العصابات الظلامية و الشوفينية (ماديا و لوجيستيكيا) و إعطاؤها
الضوء الأخضر لاقتحام الجامعات و ارتكاب الجرائم، البلطجية المسخرين، وسائل التجسس
من الكاميرات و أجهزة التنصت الموضوعة بالأحياء الجامعية و الكليات، ...
√ سنة 1998: توقيع المذكرة الثلاثية بين وزارات
"الداخلية" و "التعليم" و "العدل" للمزيد من تكثيف
الحظر العملي على المنظمة الطلابية أوطم.
√ أبريل 2014: توقيع "اتفاقية"/جريمة بين
وزارتي "التعليم العالي" و "الداخلية" تتيح لقوى القمع اقتحام
الجامعات و الأحياء الجامعية و انتهاك حرمتها في كل الأوقات (دون الرجوع لعمداء
الكليات و رئاسة الجامعة)، مباشرة بعد تنفيذ الحلقة المباشرة من مؤامرتهم
الإجرامية بقلعة ظهر المهراز بفاس يوم 24 أبريل 2014.
√ نونبر 2014: مقترح "قانون محاربة العنف بالجامعات
و المؤسسات التعليمية و الأحياء الجامعية".
فكثيرة إذن هي المحطات التي أراد
النظام من خلالها توجيه المنظمة الطلابية لخدمة أهدافه، و رسم الخطوط الحمراء لها، و قد تناوبت القوى
الإصلاحية و الرجعية و الانتهازية و الخونة على تقديم الخدمات الجليلة للنظام في
هذا المنحى، أملا في حصة من الوجبة الدسمة. غير أن التاريخ شهد تشبثا و التفافا
جماهيريا حول الإطار المناضل أوطم، بالمبادئ الأربع (الجماهيرية، التقدمية،
الديمقراطية، الاستقلالية) وبتوجهه الكفاحي الثوري (الديمقراطي)، الذي برز ارتباطا
بالوضع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي محليا و إقليميا و دوليا، و وضع الحركة
الطلابية في سكتها الصحيحة، من حيث أشكالها التنظيمية التي تؤهل أوطم لاستيعاب
التحولات الكمية و النوعية داخل الحركة الطلابية، و لا من حيث تحليلها المتقدم
للأوضاع بالمغرب، و لا أيضا مواقفها المتجذرة و تبنيها لمجمل قضايا الشعب المغربي
و قضايا كل الشعوب التواقة للتحرر و الانعتاق. لذلك فقد ظل هذا التوجه هدفا
للضربات المتتالية (الاعتقالات، الاغتيالات، المؤامرات و الدسائس، الاختراقات
البوليسية و التحريفية، ...) طيلة مسار نضالي ملؤه التحدي و المقاومة.
إن العودة لشذرات من تاريخ الاتحاد
الوطني لطلبة المغرب، كانت بغاية إبراز أهم أشكال استهداف التوجه الثوري داخله، و
التي جاء مقترح "قانون محاربة العنف بالجامعات" كحلقة متقدمة منها، فهو
لم يكن قرارا انفعاليا، أو معزولا عن مجريات الصراع الطبقي ببلادنا، التي أخذت
أشكال متطورة، و تميزت بالاصطدامات العنيفة بين الجماهير الطلابية خاصة (والشعبية
عامة) و النظام القائم، و الإفرازات النضالية و التنظيمية النوعية (لجنة المعتقل،
اللجان النضالية الإقليمية، المعارك النضالية البطولية، ...)، و الدور الريادي
للحركة الطلابية في المعارك النضالية لكل فئات الشعب و الانتفاضات الشعبية المجيدة
(خاصة انتفاضة 20 فبراير 2011، و انتفاضتي تازة يناير و فبراير 2012)، مع إعطائها
مضمونها الحقيقي التحرري عبر تبني الشعار الذي أبدعته الشعوب في الشوارع و
الميادين "الشعب يريد إسقاط النظام"، و تنظيم المحطات النضالية الوازنة
(ندوة 13/14 ماي 2011) ......
إنها المرحلة نفسها التي عرفت و تعرف
تخبط النظام القائم في أزمته الخانقة، و تزعزع دعائمه، مما جعله يستنجد بمؤسساته
(القمعية و الإعلامية على الخصوص)، و "النقابات" الصفراء و
"أحزابه" من أقصى يمينها إلى أقصى يسارها، في محاولة لتلجيم الجماهير و
كبح نضالاتها، و مهاجمة المناضلين المخلصين لقضية الشعب المغربي، المدافعين عن
الخيار الثوري في بلادنا. إن الإعلان عن هذا "القانون" في هاته المرحلة
لا يخرج عن هذا السياق، سياق التحضير لتسليم الاتحاد الوطني لطلبة المغرب لأحزاب
النظام، الموالين له و المطبلين لأطروحاته، أصحاب الخطاب الناعم و "النضال
المؤسساتي"، بعد أن طالتهم الشيخوخة و بلغ جل "كوادرهم" و حتى
"شبيبتهم" من العمر عتيا، و أنهكتهم العزلة عن الجماهير، و أصبح لزاما
عليهم تشبيب القواعد الهرمة، عن طريق استمالة العجزة و العاجزين، أو انتهاز الفرص
التي سيوفرها لهم هذا "القانون" بعد أن تم فضحهم و تعرية عوراتهم، و
طردتهم الجماهير الطلابية و قذفت بهم لمزابل الخيانة و النذالة. إن الفترة الراهنة
تعيد إلى أذهاننا تلك التي عرفت فرض الحظر القانوني على أوطم من 1973 إلى 1978، من
حيث ملامحها العامة، و التي تعمقت مع الحظر العملي في بداية ثمانينيات القرن
الماضي، من خلال استهداف كل المعاقل و البؤر النضالية الثورية، خاصة الجامعات عبر
حظر الإطار المنظم للحركة الطلابية، و ما تلاه من حملة مسعورة ضد المناضلين الماركسيين
اللينينيين، و دعم الفكر الظلامي (دعم العصابات الظلامية للهجوم على الأشكال
النضالية للحركة الطلابية، و كذا الهجوم على المناضلين عبر نعتهم بالملاحدة و غير
ذلك من الأوصاف القدحية، و الاغتيالات السياسية المنظمة: عمر بنجلون نموذجا، ...)،
دون نسيان الأدوار الحقيرة التي لعبتها القوى الإصلاحية في هذا الهجوم، باعتبارها
المؤتمر الوطني 15 "لاوطنيا"، و القيام بالمهام الهادفة إلى تلميع صورة
النظام ... هجوم كانت غاياته و أهدافه واضحة: "اجتثات الخط الكفاحي
الثوري"، و هذا ما تأكد بالملموس في المؤتمر الوطني 16 (رغم التصدي البطولي للجماهير الطلابية لكل
البنود و المخططات طيلة فترة الحظر، و تمكنها من فرض رفع الحظر القانوني الذي
اعتبر كمكسب وجب تعميقه و توسيع قاعدة أوطم الجماهيرية)، حيث هيمنت القوى
الإصلاحية على أشغال المؤتمر، و عملت على جر الحركة الطلابية إلى مستنقع المهادنة
و الدعاية لشعارات النظام: "الإجماع الوطني"، "السلم
الاجتماعي"، "المسلسل الديمقراطي".
إن الإعلان عن "مقترح قانون
محاربة العنف بالجامعات" الآن، سبقته تحضيرات عديدة، و خير مثال مؤامرة 24
أبريل 2014 و الاعتقالات الواسعة التي تلتها و المستمرة إلى حدود اللحظة، تهديم
الحي الجامعي الأول ظهر المهراز، محاصرة الأحياء الجامعية و الكليات، دعم القوى
الظلامية و الشوفينية و بلطجية النظام بالجامعات، بالإضافة إلى شطحات
"الأحزاب" و توجيه بوصلتها نحو الجامعات، و أكيد أن مستقبل الأيام يحفل
بالمزيد و المزيد من المؤامرات المحبوكة بعناية في الدهاليز المظلمة للمخابرات. و
لن يجد النظام أي حرج في تمرير هذا "القانون" و المصادقة عليه و حظر
المنظمة الطلابية أوطم قانونيا. و أكيد أن قوة الحركة و تصديها الصارم و الحازم
للهجومات التي تستهدفها، بالإضافة إلى استمرار الشعب المغربي في مقاومته، و العمل
الدؤوب لكل الإطارات و التيارات الجادة على إنضاج شروط الصراع لخلق ميزان قوى جديد
لصالح شعبنا و حركاته المناضلة، تبقى عوامل محددة بشكل كبير في إجهاض كل استهداف
للحركة الطلابية و الحركة الجماهيرية بشكل عام.
ملحق: حين تغتصب الحقوق، باسم "القانون" !!!.
"قانون"
كهذا لا يمكن أن يصدر إلا من دهاليز المخابرات الامبريالية و الصهيونية و عملائها
المحليين، و العقول التي خبرت و احترفت الإجرام، و الأكيد أن الداني و القاصي يعلم
مراميه و أهدافه السياسية و الاقتصادية و الايديولوجية على الخصوص، إلا أن هذا لا
يعفينا من الخوض في بعض تفاصيله "القانونية"، و محاولة استكشاف جديد
التهم الملفقة التي ستزين الملفات المطبوخة، و الأحكام الصورية التي ستكون من نصيب
الطلبة/ت و المناضلين. فليس الغرض من تناول الموضوع من "الزاوية
القانونية" تبيان ثغراته، بقدر ما هي محاولة لتبيان السعي الحثيث للنظام
القائم لتجريم أي فعل نضالي مهما كان حجمه، بكل الأشكال المتاحة و حتى غير المتاحة، عبر إتاحتها بلغة الحديد و
النار.
قانون من ؟ يخدم من ؟ و ضد من ؟؟
أول ما قد نشير إليه، هو كون هذا
"المقترح" يقضي بتتميم مجموعة "القانون الجنائي"، ما قد نعبر
عنه بصيغة أخرى بإغلاق كل المنافذ أمام كل عمل نقابي و سياسي داخل الجامعات و
المؤسسات التعليمية، و ما يترتب عن ذلك من إلغاء لمفاهيم كالحرم الجامعي، الأعراف
الجامعية، ... و قد تم إدراج هذا "المقترح" في الفرع 3 مكرر في مجموعة
"القانون الجنائي" ضمن الباب الخامس المعنون: "الجنايات و الجنح ضد
الأمن العام"، و معلوم أن "الجرائم" ضد الأمن العام يقصد بها
"الجرائم" التي تستهدف "النظام
العام" (القضايا السياسية) و الأفراد. و إدراج هذا
"المقترح" ضمن الباب الخامس المتعلق ب"الأمن العام" و ليس ضمن
الباب المتعلق فقط بالنظام العام يراد به التمويه و محاولة تغطية الخلفية السياسية
للاعتقالات و المحاكمات.
عند الاطلاع على الفصول الواردة في هذا
"المقترح"، تبرز ملاحظات أولية حول تعابير يلفها الغموض، و تبقى
الصلاحية لمؤسسات النظام (المحاكم خاصة) لتكييفها حسب الحاجة. و في هذا الصدد، و
في الفصول (316ـ.1 ، 316ــ 2 ، 316ــ3) نجد:
"يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس
سنوات ................. ترتب عنها ........."،
هنا لم يتم تحديد المدة الزمنية التي من المفروض أن ترتكب خلالها
"الجريمة"، أي أن كل مظاهرة أو "أعمال عنف" سيترتب عنها ما هو
مذكور في هذه الفصول في أي وقت كان، غير توقيت المظاهرة ستنسب للمشاركين فيها. و
العهدة طبعا على رجال المخابرات لتنفيذ المهمة.
" ..........ما لم يشكل الفعل
الجرمي جريمة أشد."، و هنا يبقى الباب مفتوحا لتكييف "الجريمة" و
إصدار الأحكام خارج ما هو منصوص عليه في هاته الفصول و الاستناد إلى فصول
"القانون الجنائي".
" غير أن العقوبة تضاعف بالنسبة للمدبرين و المحرضين ....."،
نسجل هنا تمييز "المدبرين و المحرضين" عن المساهمين (ما المقصود
بالمدبرين و المحرضين و كيفية التحريض و التدبير)، و تشديد العقوبة في حقهم، و ذلك
يعتبر خروجا عن قواعد "المشاركة الجنائية" و يتم اعتبار هؤلاء الأفراد
مسؤولين عن فعل الغير ( المسؤولية الجنائية عن فعل الغير)، ما يعتبر خرقا لقواعد
"القانون الجنائي" (المسؤولية الجنائية عن الفعل الشخصي)، إلا في حالات
الاستثناء ( الطفل الصغير أو المختل عقليا نموذجا). و في الفصل 316 ــ 1: "
المدبرين و المحرضين يعاقبون بالعقوبة المنصوص عليها في الفصل 403." ما يعني
الإحالة في هذه الحالة على الفصل 403 (العقوبة ما بين 10 سنين و 20 سنة، أو المؤبد
في حالة سبق الإصرار و الترصد و حيازة السلاح).
الفصل 316 ــ 4:
"يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين ..... ترتب عنها تعطيل الدراسة و
الامتحانات". غموض كبير يلف هذا الفصل خصوصا عبارة "تعطيل
الدراسة أو الامتحانات"، فهي تبقى عبارة عامة و فضفاضة و يمكن تأويلها حسب
المقاس، و يبقى المقصود بهاته العبارة مبهما بشكل كبير، فأين هو مبدأ "وضوح النص"؟ بالإضافة
لعدم التناسب ما بين "الفعل الجرمي و العقوبة"، فبعض الجرائم الأشد و
الأخطر في نفس الحين لا تواجه بمثل هاته الأحكام.
الفصل 316 ـــ 5:
يمكن اعتبار هذا الفصل من أخطر الفصول
الواردة في هذا "المقترح" إن لم نقل أخطرها على الإطلاق. فعلى غرار
الفصل السابق تبقى عبارة "............ عرضت الدراسة للخطر" مبهمة و
قابلة لكل التأويلات (غياب "وضوح النص")، فما معنى التعريض ؟؟ و كذلك اعتبار "الفعل الجرمي" بناء على عنصر الخطر و ليس عنصر الضرر، فقد يكون فعلا مباحا و لا يوجد "نص قانوني"
بصدده، و يمكن اعتباره مصدر خطر على الدراسة.
يمكن تلخيص هذا الفصل في عبارة واحدة "تهمة من لا تهمة له".
الفصل 316 ــ 9:
"الجرائم" المنصوص عليها هي
جنح و بالتالي تخضع للفصل 157، و في هذه الحالة العقاب في حالة العود لا يتجاوز ضعف الحد الأقصى لعقوبة
الجنحة الثانية. لكن في الفصل (316 ــ 9) تضاعف العقوبة في حالة العود بالرفع من
الحد الأدنى و الحد الأقصى (في الفصل 157 الحد الأدنى غير محدد، و الحد الأقصى لا
يمكن أن يتجاوز ضعف الحد الأقصى للعقوبة الجنحية الثانية، أما في الفصل 316 ــ 9
فقاعدة الحد الأقصى هي نفسها إلا أن الحد الأدنى يضاعف أيضا).
"تعتبر جنحا مماثلة لتطبيق هذا
المقتضى جميع الجنح المنصوص عليها في هذا الفرع".
يمكن اعتبار هذا خروجا عن الفصل 158 من
"القانون الجنائي" الذي يحدد الجنح المماثلة لتقرير العود.
الفصل 316 ــ 12:
"يجوز للمحكمة أن تحكم ........
على الطالب المدان بالمنع من متابعة الدراسة لمدة لا يمكن أن تتجاوز سنتين مع إمكانية شمول هذا التدبير بالنفاذ المعجل".
في هاته الحالة هناك ازدواجية العقوبة،
و لا يمكن اعتبارها تدبيرا وقائيا، بل عقوبات إضافية. و في الجزء الأخير، شمول
التدبير بالنفاذ المعجل منافي "لقرينة البراءة"، حيث يمكن أن
يبرأ المعني في آخر المطاف (الاستئناف) فيجد نفسه قد أضاع جزءا هاما من حياته
الدراسية بسبب المنع.
ملحوظة: جميع "الجرائم" المنصوص عليها في هذا الباب
تواجه "بالعقوبة الحبسية" إضافة إلى "الغرامات" التي تتراوح
ما بين 1200 درهم و 50000 درهم و لا يتم اللجوء للحكم بإحداهما فقط.
لنا عودة للموضوع بتفاصيل أخرى في
أعمال لاحقة.
انتهى
حنظلة القاعدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق