الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

الأجرأة العملية للخطاب الملكي حول التعليم ( إغلاق الأحياء الجامعية على طريقة إخلاء جيش الاحتلال الصهيوني للشعب الفلسطيني من أرضه وسكناه )--- بقلم الرفيق عبد اللطيف الرازي



الأجرأة العملية للخطاب الملكي حول التعليم

( إغلاق الأحياء الجامعية على طريقة إخلاء جيش الاحتلال الصهيوني للشعب الفلسطيني من أرضه وسكناه ).

إن الانتقاد الذي وجهه الملك لحكومته الملتحية في الخطاب الأخير حول التعليم كان بمثابة رصاصة الرحمة أو لنقل كان بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لأجرأة التوجه العام الذي جاء به الميثاق الطبقي الفاشل والدي حاول المخطط ألاستعجالي إعطاءه نفسا إضافيا للسير في نفس التوجه وهو القضاء على التعليم الشبه العمومي بشكل عام والقضاء على الجامعة الشبه العمومية ودلك تطبيقا لتوصيات المؤسسات المالية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي والدي من بين توصياته تفويت ما تبقى من القطاع العام إلى القطاع الخاص وجعل التعليم بضاعة كسائر البضائع المطروحة في السوق أي حق التعليم سيبقى لمن يدفع ولمن له الإمكانيات المادية لدلك إن التعثر والبطء الذي انتقده الملك هو في الوصول إلى الأهداف المرسومة وأهمها هي القضاء على هدا القطاع بشكل نهائي وخاصة إدا أخدنا بعين الاعتبار نموذج ما يسمى بالقطاع الخاص في التعليم والذي كان بمثابة الدواء لاقتلاع أية معارضة مؤثرة والتي تعتبر إحدى الأمراض التي يجب استئصالها حسب مضمون الخطاب من داخل القطاع الشبه العام ودلك بالطبع عبر طريق الحرب الإمبريالية في تدمير الشعوب والمجتمعات لحل أزمتها البنيوية و الدائمة وخلق شروط لإعادة دورة الرأسمال إلى حالتها المثلى أو العادية حسب زعمهم.
ولقد جاءت الأجرأة لمضمون الخطاب سريعة من طرف حكومته الملتحية ودلك بالقضاء على الأحياء الجامعية في جامعة ظهر المهراز بفاس ومعها القضاء على كل الفضاء الجامعي والجامعة بشكل عام . إن قرار الترحيل هو قرار نهائي وقد ارتكز على أن الحالة التي توجد عليها الأحياء الجامعية تندر بأخطار محتملة وعلى رأسها الانهيارات وهدا ما أكدته الدراسة التقنية أو ماشابهها حيث أكدت بأن الأحياء الجامعية لم تعد صالحة للإسكان . إنها مجرد البحث عن التبريرات الضرورية والعمل على تسويقها لإيهام الرأي العام الطلابي والوطني وإخفاء الحقيقة الواضحة عليه وهي أن الممر الذي اكتشفه منظرو النظام للوصول إلى بيع الجامعة هو القضاء على الأحياء الجامعية وإعادة هيكلتها على طريقة القطاع الخاص , اقتلاع المعارضة , اقتلاع الحركة الطلابية ونضالات الطلاب هو القضاء على هدا المرفق وعلى هدا الفضاء كشرط للقضاء على كل حقوق ومكتسبات الشعب المغربي في التعليم الجامعي لكل أبنائه . لقد استنتج النظام من بعد كل محاولاته الفاشلة في السيطرة على الأحياء الجامعية ودلك عبر طرق مختلفة ( التدخلات القمعية , البلطجية , الإختراقات البوليسية السرية والعلنية , أوعبر وكلائه : القوى الظلامية , الإصلاحية والحركة الشوفينية ...) بأن هذا الطريق قد أفشلته مقاومة الحركة الطلابية وذلك بما لعبه " النهج الديمقراطي القاعدي " في قيادة نضالات الحركة الطلابية لتحصين الجامعة وإيقاف هذا المخطط وإفشاله، ولعل إطلالة بسيطة على حجم التضحيات التي قدمت مند إنزال الميثاق ( مئات المعتقلين و شهداء ومعطوبين ..) يوضح بما لا يدع مجالا للشك بأن رهانات النظام وحكومته وأحزابه قد تكسرت على صخرة المقاومة الشرسة التي تطورت بشكل نوعي في السنوات الأخيرة بل أصبحت تلعب دورا بارزا في المقاومة الشعبية بشكل عام وخاصة الدور الدي لعبته في تفجير انتفاضات شعبية والمساهمة بجانب الجماهير الشعبية في قيادة بعض معاركها واحتضانها , كذلك الدور الذي لعبته مع ظهور حركة 20 فبراير المجيدة , حيث لم يكن حضورها مجرد إضافة كمية بل ترك تأثيره على التوجه العام لحركة 20 فبراير من خلال الدفاع على الأفق الثوري لحركة 20 فبراير ومن خلال تبني المقاومة الشعبية كخيار لتحرر الشعب المغربي من قبضة الإمبريالية والصهيونية والرجعية وكل أدواتهم الداخلية . ويمكن أن نجزم بأن الحركة الطلابية هي الحركة الجماهيرية الوحيدة التي لعبت أدوار حقيقية وانخرطت بشكل عملي وسياسي في نضالات الشعب المغربي وفي نضالات حركة 20 فبراير ويمكن أن نجزم كدلك بأن الحركة الطلابية هي الحركة التي بقيت تشكل الرقم الصعب الدي رفض الخضوع للنظام وسياساته وشعاراته بالرغم من الأزمة التي تعيش على وقعها وبالرغم من سياسة الإستئصال التي ابتدأت مند عقود طويلة .

إن القرار الأخير ما هو إلا مقدمة للقضاء على جامعة ظهر المهراز بشكل كامل ومعه القضاء على الجامعة المغربية بشكل نهائي , ولعل الهجوم الدي تعرضت له ظهر المهراز نهاية الموسم الفارط وباقي المواقع الجامعية كان يندرج ضمن هدا السياق ولم يكن مجرد إفشال مقاطعة الامتحانات من داخل كلية الآداب أو باقي الجامعات الأخرى .

إن حملات الاعتقالات والاغتيالات والتي لازالت مستمرة حتى الآن وحبك المؤامرات في حق مناضلي الشعب المغربي عامة ومناضلي الحركة الطلابية على وجه الخصوص كانت كلها تندرج ضمن هدا الإطار: أي القضاء على كل مقاومة شعبية للنظام وسياساته , كانت تندرج ضمن سياسة القضاء على كل مقاومة لتمرير مخططات وبرامج الهدف منها هو القضاء على حق أبناء الشعب المغربي عامة وعلى رأسها الحق في التعليم لأبنائها . إن قرار إغلاق الأحياء الجامعية ومنع الطلبة من ولوجها هو قرار سياسي وليس له أية علاقة مع ما يتم الترويج والدعاية له بأنه قرار ناتج لكونها لم تعد صالحة للإيواء والإسكان , إنه قرار سياسي و المتمثل في تجفيف كل منابع المقاومة ودلك بالقضاء على المكان كفضاء عام وهي سياسة لم تبتدأ اليوم بل سياسة قديمة ابتدأت مع سياسة تسوير الجامعة وعزلها عن محيطها العام وصولا إلى فرض هندسة معمارية تضرب في عمقها طبيعة هذا الفضاء بما هو فضاء للحرية والتعليم والمعرفة وصولا الآن إلى إغلاق أحد أهم الفضاءات الجامعية , وعندما نقول إغلاق الأحياء الجامعية نقول في نفس الوقت القضاء على الساحة الجامعية وعلى المطاعم الجامعية أي ضرب أهم الشروط المادية لتواجد الطلبة ومتابعتهم للدراسة من داخل الجامعة . إن هدا القرار إن تم تمريره وهدا أمر مستحيل ودلك لما عرف عن الحركة الطلابية وفصيلها الجذري النهج الديمقراطي القاعدي من مقاومة شرسة لمخططات النظام وكل مشاريعه كانت هي السبب الرئيسي لإفشال سياسة النظام من داخل حقل التعليم وكانت مدافعة عن حق الشعب المغربي بكل تفان وبكل ثقة في المستقبل والدي بالطبع لن يكون إلا مستقبل الشعوب مقدمة في سبيل دلك تضحيات جسام , فإذا كان للنظام تاريخ دموي وبهذا التاريخ قد استمر حتى الآن فللحركة الطلابية تاريخ المقاومة , تاريخ مواجهة القمع الدموي للنظام وقد استطاعت الحركة الطلابية كتابة أهم تاريخها في خضم هده المواجهة واستمرت حتى الآن بهذا الخيار ومواجهة كل خيارات الانبطاح والاستسلام . نقول إن هدا القرار إن تم تنفيذه سيكون له تبعات حقيقية ليس فقط على الوضع داخل جامعة فاس ولكن على وضع الجامعة المغربية بشكل عام ودلك لما لعبته وتلعبه الحركة الطلابية على الصعيد الوطني من داخل هدا الموقع وهو دور تاريخي بكل امتياز وهده الحقيقة ليست للدعاية لهدا الموقع أو ما شابه ذلك ولكن حقيقة واضحة على المستوى الوطني ودورها وصل حتى على المستوى العالمي وكذلك سيكون له تأثير سلبي في الأمد المنظور على المقاومة الشعبية بشكل عام خاصة إدا عرفنا بأن المنبع الوحيد الدي لازال يخرج مناضلين للشعب المغربي هو مجال الحركة الطلابية فهي الحركة التي تكون وتعلم وتخرج مناضلين لكل الحركات الجماهيرية بل هي الحركة التي لازالت متشبثة بمضمونها كجزء من حركة التحرر الوطني وبالتالي فمن الطبيعي أن يصاب الكل بالتأثير السلبي إدا أصاب الجزء خللا أو أصبح يعيش انتكاسة معينة .

إن القضاء على الأحياء الجامعية والساحة الجامعية ومعها القضاء على كل المرافق المرتبطة بها ليس فقط ضرب حق الجيل الحالي في الحق في السكن والتغذية والفضاء العام بل هو ضرب تاريخ الجيل الدي مر من هده المعلمة , انتقام من هدا التاريخ كله لدرجة أنه يمكن أن نقول ونجزم بأنه تاريخ ترك بصمته على كل من مر من هده الجغرافيا وإن لم يترك دما نزف , فهو ترك أفكار وآراء وممارسة وسلوك لازالت تحلق في هدا الفضاء , بل هي في تطور مستمر لتكسر سياسة السجون التي حاصر بها النظام هدا المد. فهدا الفضاء ليس فقط الأحياء الجامعية كسكن, بل الفضاء المدرسة الشعبية التي كانت تعلم وتدرس الجماهير بشكل عام , كمدرسة المعلم والمتعلم هو نفسه , المدرسة التي يتحول فيها المعلم إلى متعلم وكذلك المتعلم إلى معلم , فهي المدرسة النضالية والفكرية التي تربى فيها أجيال بالرغم من اختلاف الآراء والتوجهات حولها من طرف مختلف من مر من هنا فلا يمكن أن يختلف أحد عن ما تركته هده الساحة ( ساحة 20 يناير ) من تأثير إيجابي بل ساهمت في تكوين شخصية كل من مر من هده القلعة الشعبية. 

إن الهجوم الحالي لا يمس الجيل الحالي وفقط بل يمس كل الأجيال التي مرت من هده الساحة الجامعية , وهو هجوم يهدف إلى قتل حلم الجيل الحالي ومحو ذاكرة وذكريات الأجيال السابقة . فالمرور من الساحة الجامعية ليس مرورا عاديا شأنه شأن المرور من الساحات أو الأماكن الأخرى بل هو مرور سكن كل من وطأت قدماه هذا المكان ويظل أحد الأمكنة التي يفتخر بها كل من مر من الجامعة وساحاتها بالرغم من الألم الذي أصابنا جميعا ونحن نحلم بوطن حر وطن المستغلين والمضطهدين , وطن الحرية والعدالة والمساواة من طرف أعداء الأوطان عامة , فالأحياء الجامعية ليست كباقي الأحياء السكنية إنها الحياة الجماعية , الروح الجماعية إنها سكن وتعليم وبناء الشخصية ’ إنها روح المسؤولية التي نتربى عليها , فهي بالرغم من أنها سكن للجيل الحالي فهي تسكن كل من مر منها فهي تسكن التفكير والوجدان واللاشعور أيضا.

إن الهجوم على الأحياء الجامعية والجامعة بشكل عام لتفكيكها وتفويتها للقطاع الخاص , خاصة وأن مساحتها وموقعها لا تغريان فقط أصحاب رؤوس الأموال ( قطاع الطرق ) بل تسيل لعابهم وعلى رأسهم الهولدينغ الملكي . إن هده المعركة ينبغي استيعابها بأنها معركة مصيرية , وهي معركة هدا الكل وليس فقط الطلبة الحاليين , إنها معركة الشعب المغربي بأكمله . وينبغي على هدا الكل المساهمة بكافة الوسائل في إحباط هده المؤامرة وإعادة الإعتبار للجامعة بشكل عام . لكي تلعب أدوارها الحقيقية في النضال الشعبي وفي الدفاع على حقوق المضطهدين وعلى رأسها الحق في التعليم والدي قدم في سبيله الشعب المغربي تضحيات جسيمة ينبغي أن تشكل نبراسا حقيقيا لاستكمال المعركة الحالية وتحطيم كل رهانات النظام وأبواقه والدفع بها نحو الخلاص النهائي من نظام القمع والاستغلال والاضطهاد.


شجرة الذر لا تثمر وزهرة الكهف لاتفوح والعصافير لاتبني أعشاشها في الأقفاص كي لا تورث لابنائها العبودية.
                                                           بقلم الرفيق: عبد اللطيف الرازي


هناك تعليق واحد:

  1. تحية لكل مناضلي النهج الديمقراطي القاعدي على صمودهم رغم القمع المتواصل

    ردحذف