السبت، 18 مايو 2013

السجن المحلي عين قادوس فاس: شهادة حول التعذيب للمعتقل السياسي محمد بوغلم


السجن المحلي عين قادوس فاس
الاسم: محمد بوغلم
رقم الاعتقال 83094
شهادة حول التعذيب
كان هذا اليوم الثاني من مقاطعة امتحانات الدورة الاستثنائية المشبوهة التي لا تخدم مصالح  الطلبة الذين عبروا عن احتجاجاهم على تلك الصيغة التي نهجها النظام انسجاما وطبيعته اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية في حق الطلاب، مما أدى إلى دخول رجال القمع إلى الجامعة بجميع وسائله القمعية التي أرهبتنا كطلبة وجعلتنا نظن أننا داخل ثكنة عسكرية لا داخل جامعة العلم والأمن والأمان. كانت الساعة السادسة مساءا حيث تم اعتقالي من طرف رجال القمع بقرب ادارة الحي الجامعي بظهر المهراز، بعد التدخل الهمجي والوحشي في حق الجماهير الطلابية الصامدة والمناضلة في تجسيد معركتها النضالية. التي توجت بمقاطعة الدورة الاستثنائية المشبوهة بكلية الآداب، بعدما قررت بالحلقية التقريرية على لسان الجماهير الطلابية، هذه الأخيرة التي وكما نعلم لا يستعصي عليها أمر، وكما هو معهود في تاريخ الحركة الطلابية وفعلا وكما كان منتظرا، قد أبانت الجماهير الطلابية على استماتتها وصمودها في تجسيد هذه الخطوة النضالية.

ومنذ لحظة اعتقالي انهالت علي الكلاب الظالة (السيمي) بالسب والشتم والرفس والضرب والركل على مستوى جميع أنحاء الجسم بدون استثناء أمام مرأى الجميع وهذا ما خلف لي جروح ونذوب في بعض المناطق من الجسم، وفك على مستوى يدي اليمنى لازلت أجد صعوبة في تحريكها إلى حدود اللحظة، وبعد ذلك تم اقتيادي بطريقة همجية إلى سيارة القمع (صطافيط) حيث أضافوني إلى باقي الطلبة وأنا في حالة يرثى لها، ليبدأ مسلسل آخر من التعذيب والشتم والسب والاستنطاق من طرف الجلادين (السيمي) ومع كل سؤال ينهال علينا الضرب، ونحن نحاول تفادي تلك الضربات العشوائية المهينة التي يمكن أن تسبب أضرارا وخيمة وعاهات مستديمة. وقد امتدت تلك المعاناة النفسية والجسدية منذ صعودنا إلى "الصطافيط" حتى وصولنا إلى ولاية القمع، حيث كان بانتظار قدومنا مسلسل من نوع آخر، إن لم نقل كابوسا من التعذيب والتنكيل لم يكن في الحسبان، كانت الساعة حوالي الثامنة والنصف مساءا، وكانت هاته آخر اللحظات التي علمت فيها مدلول الوقت، حيث تم تجريدي من كل أغراضي الشخصية ليقتادونني مع باقي الطلبة إلى الطابق الثالث على ما نظن، نحن نتعرض للضرب والشتم بشتى أنواعه، بداية بالكلام النابي ونهاية بالنغس بواسطة العصي الكهربائية في المناطق الحساسة، وفي هذه الأثناء تم عزلنا كل واحد على حدى من أجل التحقيق واستخراج المعلومات منا، كان أول سؤال يطرح علي هو: من أين أنت؟ قلت له من مدينة "هرمومو"، فهذا الجواب كلفني نصف ساعة من التعذيب والضرب بالصفعات العشوائية على مستوى الوجه والرأس، ثم بدأ ثانية بسؤالي: هل تعرف هرمومو؟ أين تلتقي به؟ في أي مقهى تجلسون؟ كيف تعملون على تحريض الطلبة على المقاطعة؟ ومع كل سؤال ينهال علي الضرب، لينتقلوا بي إلى سؤال عن باقي المناضلين الشرفاء، لقد دام هذا الاستنطاق حالي ساعة ونصف، ليعيدوني ثانية إلى المكتب الذي اجتمعنا فيه لأول مرة، ليأخدوا بصماتنا وصورنا الفوتوغرافية، وبعدما نحن ننتظر ماذا سيحل بنا، وإذا بي أسمع ثلاث أسماء ينادى عليهم، كان اسمي من بينهم، صفدوا أيدينا بطريقة همجية لازلت أعاني من الآلام التي خلفتها لي الأصفاد، وأنا أتساءل إلى أين يأخذوننا؟ لكن ماذا كنت أنتظر من النظام بطبيعته اللاوطنية اللاديمقراطية اللاشعبية من غير التعذيب والتنكيل؟ ليزجوا بنا في الزنزانة مع اثنين من متهمي الحق العام، فأعطيت الأوامر بعدم امدادنا بالطعام والأغطية، لنبقى على هاته الحال 48 ساعة، في برد قارس وجوع مميت، دون قضاء حاجتنا البيولوجية، في نفسية محطمة وبينما نحن كذلك إذا بي ينادى علي من طرف حارس الزنازن، تكبلت مرة أخرى تم أعادوني إلى التحقيق لكن هذه المرة تم التحقيق معنا بأسلوب ظريف حتى ظننت أنني في حلم مستحيل، لأدرك أن هذا الأسلوب الجديد كان بدافع أنهم أرادوني أن أوقع على المحضر، هذا الأخير كان منافيا تماما لأقوالي، والذي يحمل في طياته مجموعة من التهم الملفقة والمطبوخة، كالعصيان، التجمهر المسلح، والتظاهر الغير المرخص له، وضع المتاريس في الطريق العمومية، والتعدي على الموظفين أثناء مزاولتهم لعملهم، وغيرها من التهم الباطلة التي يحاول بها النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي تجريم مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، فأجبرت على التوقيع عليه تحت الضغط والضرب المبرح، وأنا في غيبوبة تقريبا جراء ما تعرضت له من أشكال، وانواع التعذيب ليعيدوني ثانية إلى الزنزانة، وفي اليوم الموالي تم تقديمي إلى المحاكمة الصورية بالمحكمة الابتدائية، وعند دخولي إلى قاعة المحكمة بعدما نفيت التهم الموجهة إلي، امام والي القمع هز الرئيس رأسه وقال: تم تأجيل المحاكمة ليوم 25 أبريل 2013، لتكون المحطة التالية هي السجن المحلي عين قادوس السيء الذكر بفاس، وأنا في حالة يرثى لها منهك وجائع ومتألم جسديا ونفسيا جراء ما تعرضت له من تنكيل وتعذيب، وما إن وصلت حتى وجدت رفاقي القابعين بسجن عين قادوس بانتظارنا، محمد صالح، طارق الجعيبي، يونس الروفي الذين وصلوا اليوم 33 من الاضراب المفتوح عن الطعام، بالاضافة إلى باقي مناضلي أوطم، لتنبعت في أخيرا الراحة والاطمئنان من جديد وأدركت معنى "لا يصل الرفيق إلى الرفيق إلا سجينا أو شهيد" لتنطفئ هذه الراحة والاطمئنان عندما اعتقلت مع سجناء الحق العام في زنزانة لا يتعدى طوله عشرة أمتار لـ 73 شخص، لننضاف إليهم نحن الأربع، أربعة أيام أخرى من المعاناة ونحن ننام هناك في بقعة لا تتعدى مساحتها 40 سنتمتر للواحد منا، وما إن استعدنا عافيتنا النفسية، حتى التحقنا برفاقنا في زنزانة واحدة بعدما خضنا معركة بداخل ساحة السجن واحتجاجنا على المدير المكلف.
رسالتي لمناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بقيادة النهج الديمقراطي القاعدي هي: ما لا يدرك بالنضال يدرك بمزيد من النضال، مع تحياتي لجميع الطلبة والمناضلين الذين أبانوا عن استماتتهم وصمودهم في الأيام الماضية، هاته الأخيرة ستدخل في تاريخ الحركة الطلابية، وبالرغم من الاعتقالات التي شنها النظام القائم وكذا الخسائر الأخرى إلا أنه في موقف ضعف لأن معركتنا النضالية انتصرت سياسيا.
فالصمود ثم الصمود.
ودمنا ودمتم للنضال أوفياء وعلى دربه لسائرون.
عاشت أوطم
لا سلام لا استسلام .. المعركة إلى الأمام
الحرية للمعتقلين السياسيين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق