المعتقل السياسي: اسامة
زنطار السجن المحلي عين قادوس بفاس
رقم
الاعتقال: 83332
شهادة حول التعذيب
يوم
فاتح ماي اليوم الذي تخلد فيه الطبقة العاملة عيدها الأممي كل سنة ضدا على كل
أشكال الاستغلال والاضطهاد الطبقيين التي يعاني منها العمال العاملات وعموم
الطبقات المقهورة والمسحوقة، وكما دأب الاتحاد الوطني لطلبة المغرب على تخليد هذا
اليوم إلى جانب الطبقة العاملة الحاملة للمشروع الثوري نحو مجتمع لا طبقي تسوده
الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، على هذا الأساس توجهت الجماهير الطلابية نحو
مركب "الحسن الثاني" حوالي الساعة 9 صباحا لتنطلق بتظاهرة إلى جانب
العمال والعاملات رافعة شعارات تفضح واقع القهر والاستغلال والقمع الذي يعانون
منه، ومنددة بالتسريحات الجماعية التي تطالهم، وبالهجوم المستمر على مكتسبات
القطاعات الاجتماعية الحيوية (التعليم، الصحة، الشعل،...) وعلى القوت اليومي للشعب
المغربي بشكل عام.
قبل أن أبدأ في التطرق إلى
التفاصيل والحيثيات، لابد من الاشارة إلى أن شهادة التعذيب تأتي كخطوة نضالية في
سياق المعركة النضالية التي تدور رحاها في زنازين هذا النظام الرجعي الجاثم على
صدورنا وخصوصا في ظل الهجومات المتتالية لإدارة السجن في واقع يتسم بالحصار
والتضييق على جميع المعتقلين السياسيين بسجن عين قادوس السيء الذكر، لنعد إلى
الكيفية اللاإنسانية التي تم اختطافي بها من التظاهرة، والتي منذ اللحظة الأولى
لخروجها ضرب عليها تطويق وحصار قمعي همجي بشتى تلاوين قوى القمع السرية والعلنية،
وتواجدت على مقربة من التظاهرة فرقة خاصة ومدربة على رصد المناضلين واعتقالهم،
فقاموا بتتبعنا منذ انطلاق التظاهرة إلى غاية شارع "محمد الخامس" حيث
أعطي الضوء الأخضر لقوى القمع بالتدخل في حق الجماهير الطلابية بشكل همجي، في تلك
الأثناء تجندت قوى القمع السرية التي كانت تتبع مجموعة من المناضلين والطلبة وكنت
واحدا منهم، وجدت نفسي محاصرا بسبعة عناصر بالزي المدني قاموا باختطافي من
التظاهرة أمام مرأى ومسمع من الجميع، في ذلك الشكل النضالي المتميز، بعدها
اقتادوني بسرعة إلى إحدى المقاهي بنفس الشارع، فقاموا بتصفيد يدي إلى الوراء
بالأغلال بشكل همجي مصحوب بالسب والشتم والتنكيل، ثم احتجازي لمدة نصف ساعة تقريبا
إلى غاية مرور التظاهرة من مكان اختطافي، عندئذ جاءت سيارة قمع "صطافيط"
لنقلي إلى ولاية القمع أو كما يسمونها "الوالي بوقبة خضرة" فوجدت فيها
طالبا آخر تم اعتقاله بالإضافة إلى مجموعة من عناصر القمع "السيمي"
بدأوا بتوجيه مجموعة من الأسئلة بدون معنى (واش شبعتو خبز؟ جايين تقراو ولا
تناضلوا؟ نتا قاعدي؟ باينا فيك غير من ديك الڭادوما، كتقلد تشي غيفارا؟ هاد النهار
نحـ.....) بعد وصولنا إلى "الولاية" مقيدين بالأصفاد أدخلونا إلى قاعة
كبيرة وجدت فيها إحدى الرفيقات والرفيق عبد النبي شعول المعروف بعبد الله، أدخلونا
إلى غرفة أخرى أنا والرفيق عبد الله، قاموا فيها بتوجيه أسئلة متعلقة بمعلومات
شخصية (تاريخ الميلاد، الأب، الأم،...) بعدها داهمنا أحد الجلادين معروف باسم
"عزيز السويري" والذي أثار امتعاضه تلك الطريقة في التحقيق والاستنطاق،
فصرخ في وجههم (حتى واحد ما يهضر مع هادو بلا ما نعطيه L’ordre، واش فهمتي
العلوي؟) في تلك اللحظة نقلوا الرفيق عبد الله إلى غرفة مجاورة، ثم جاءت فرقة
مكونة من ستة أفراد قاموا مرة أخرى بتصفيد يدي إلى الخلف، وأرغموني على الجلوس في
الأرض وقالوا لي: "إما أن تجيب على الأسئلة التي نطرحها عليك وإما أن نبرحك
ضربا وننكل بك ونديقك شتى أنواع الهوان والتعذيب، فانهالوا علي بالضرب واللكم
بطريقة هستيرية تنم عن حقد كبير للطلبة والمناضلين فقدت خلالها الوعي لمدة أربعة
دقائق تقريبا من شدة الضرب المبرح والركل والرفس في كل انحاء الجسم خصوصا المناطق
الحساسة (الكلي، الاعضاء التناسلية، العنق...)، استمر مسلسل التعذيب النفسي
والجسدي والترهيب لمدة 3 ساعات تقريبا وأنا في نفس الوضعية، مصفد اليدين وجالس على
ركبتي في الأرض أعاني من جروح في اليدين والرجلين وألم فضيع في الكلي والظهر والأنف،
كانت كل الأسئلة تتمحور حول مقاطعة الامتحانات في كلية الآداب والدور الذي كنت
أحتله في هذه المقاطعة والرفاق الجدد في التوجه، كيفية التنسيق بين المواقع...
مرت هذه الثلاث ساعات فقدت فيها
التركيز، وخارت قواي جراء ما تعرضت له، بعد ذلك جاء أحد رؤساءهم فسألهم عن الوضعية
فأجابوه: "راه صامد العلوي"، فأمرهم بإدخالي إلى الغرفة التي كان بها
الرفيق عبد الله، حيث وجدته في حالة صحية يرثى لها، فقد كان الرفيق معصوب العينين
وهم يعذبونه بطريقة "الشيفون" فأخرجني بسرعة، وهددني باستعمال نفس
الطريقة في التعذيب إذا لم أجبهم عن الأسئلة الموجهة، بل أكثر من ذلك استعمال
طريقة "القرعة" في التعذيب، فأمرهم بإنزالي إلى القبو لأمضي الليلة هناك،
في طريقي لمحت عبد الله مرميا في الزنزانة رقم 5 في حالة يرثى لها وآثار التعذيب
بادية على جسمه، فتعمد السجان/الجلاد والمكلف بسجننا في قبو "الولاية"
عزلي عن الرفيق بذريعة أن قضيتنا حساسة ولديه أوامر بعزلنا ومراقبتنا، فقام
بالإلقاء بي في الزنزانة 15، وفور دخولي إليها وجدتها مملوءة عن آخرها بمعتقلي
الحق العام بدون أفرشة أو أغطية، كان عدد المعتقلين يتجاوز إحدى عشر معتقلا في
زنزانة لا يتجاوز طولها مترين ونصف وعرضها متر ونصف تقريبا، أمضينا ليلة في الجحيم
بدون أكل بالإضافة إلى الألم الذي كنت أعاني منه في مختلف مناطق الجسم، في صبيحة
اليوم الثاني من شهر ماي بدأ شوط آخر من أشواط التعذيب النفسي والجسدي منذ الثامنة
صباحا إلى غاية الساعة الثالثة بعد الزوال، هناك تبين لي أن كل الاساليب والطرق
الخسيسة من ضرب وتعذيب وتنكيل ليس بمقدورها النيل من القناعات الصلبة للمناضلين
الشرفاء والثوريين، بعدها جاء أحد الجلادين الذي كان يقوم بدور رجل الاطفاء، فجلاد
يشبعك ضربا ويأتي الاطفائي لمواساتك والتخفيف عنك في مسرحية متناسقة الأدوار،
أخيرا توقف مسلسل التعذيب والاهانة قليلا ليأتي أحدهم بـ "USB" ويدخلها
في الحاسوب، سألني عن اسمي ومكان سكناي وعدد أفراد أسرتي وباقي المعلومات الشخصية،
فأخرج مجموعة من الأخبار التي تبين لي أنها المحضر المطبوخ والمعد سلفا بتهم بغرض
تجريمي، ورفضوا إطلاعي عليها، بعدها أنزلوني إلى قبو الولاية مرة أخرى، حيث أمضيت
الليلة إلى جانب الرفيق عبد الله في شروط لا إنسانية وأسوأ من الليلة الأولى، في
صباح اليوم الثالث من شهر ماي، تم اقتيادنا في سيارة قمع تحت تطويق قمعي وحراسة
مشددة إلى المحكمة الابتدائية ثم إلى محكمة الاستئناف، ليوجهوا لنا مجموعة من
التهم الكاذبة والملفقة كما سبق الاشارة لها، حيث قرروا الزج بنا في السجن المحلي
عين قادوس السيء الذكر، لتستمر معاناتنا من داخل المعتقل في ظل واقع القهر
والحرمان والاستفزازات اليومية التي أتعرض لها إلى جانب الرفاق المعتقلين
السياسيين الذي وصل عددهم إلى عشرين معتقلا سياسيا، بالاضافة إلى الرفيقتين أسماء
صباح وعائشة البوش، وهذا ما يكشف حجم الجرائم المرتكبة في حق المناضلين والجماهير
الطلابية بشكل عام، المدافعة عن حقها المقدس في تعليم شعبي علمي ديمقراطي وموحد،
وأيضا يكشف زيف الشعارات الجوفاء التي يتغنى بها النظام القائم وأدياله "دولة
الحق والقانون"، "الملك الشاب"، "العهد الجديد"،
"الدستور الجديد"،... ويدل كذلك على أن عقود وسنوات الرصاص لازالت
مستمرة في سنة 2013، ويثبت أن الحركة الطلابية بقيادتها السديدة النهج الديمقراطي
القاعدي تشكل رقما صعبا في معادلة الصراع الطبقي بالمغرب، وفي الأخير أدعوا
الجماهير الطلابية إلى الاستمرار في النضال والصمود والمقاومة.
الحرية لكافة المعتقلين السياسيين
رغم القمع رغم السجون لازلنا صامدون
لا سلام لا استسلام .. المعركة إلى الأمام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق